مذكرة
لأقامة نموذج لمتحف الحضارة المصرية
تنفرد
مصر من بين أمم العالم بميزة لاتكاد
تشاركها فيها أمة أخرى ، وتلك هى أن
بها من الآثار ما يمثل أطوار الحضارة
، خلال العصور المختلفة ، من فجر
التاريخ الى الآن ،
واذا كانت متاحفها غنية بمخلفات
تلك العصور وآثارها تعمر الوادى ، من
الشمال الى الجنوب ، فان فى تفرقها
فى جوانب المدن والأقاليم وبين
جدران متاحف متعددة – المتحف المصرى
، والقبطى ، والاغريقى الرومانى ،
ودار الآثار العربية ، ومتحف
نابليون ، والمتحف الحربى فضلا عن
المتحف الزراعى ، ومتاحف الرى
والسكة الحديد ، والتعليم ، فى هذا
التفرق ما يحول دون تتبع مراحل
الحضارة المصرية فى مختلف عصورها
الا ببذل الكثير من الجهد والوقت
والمال ، وتكبد مشقات السفر والتنقل
بين نواحى البلاد من أقصى الشمال الى
أقصى الجنوب .
لذلك
فان من أكبر ما يخدم به التاريخ
المصرى والثقافة العامة ، انشاء
متحف يضم بين جوانبه نماذج تمثل
أدوار الحضارة المصرية فى سلسلة
متتابعة الحلقات : عصر ما قبل
التاريخ ، فالعصر الفرعونى – الدولة
القديمة فالمتوسطة فالحديثة –
فالفتح الفارسى ، فعصر الاسكندر
والبطالسة ، فالعصر الرومانى وظهور
المسيحية ، فالفتح الاسلامى والدول
الاسلامية المتعاقبة ، فالعهد
التركى ، فحملة نابليون ، فنهضة محمد
على باشا الكبير الى العصر الحالى .
وفى
القسم الخاص بكل عصر توضع نماذج تمثل
أهم مخلفاته ، والمناظر الطبيعية
لأهم آثاره ، والملابس ، والاسلحة ،
ونظم الجيش ، والآلات الزراعية
والصناعية ، ووسائل المواصلات ،
وخرائط مجسمة تبين حدود مصر ومدنها
وأقاليمها الزراعية ، وفتوحها ،
والآثار التى أقيمت فى ذلك العصر ،
ويمكن مثلا وضع النماذج المجسمة
التى تمثل المناظر الطبيعية فى
فجوات فى داخل الحائط تنار
بالكهرباء ، وتحلى الجدران بنقوش
تنقل من الآثار الأصلية ، أو توضع
طبقا للوصف الذى جاءت به المراجع
التى يعتمد عليها ، لبيان عادات
الشعب أو معتقداته فى ذلك العصر ،
والى جانب هذا توضع فى كل قسم تماثيل
من الشمع مثلا ، أو نماذج صغيرة من
الخشب ، لبيان ملابس أفراد الطبقات
المختلفة ، وأقسام الجيش ونظامه فى
الحرب أو فى موفعة معينة مع تزيين كل
قسم بمجموعة من آثار العصر الخاص به
، بما يوجد أكثر من نموذج منها فى
متاحفنا الأخرى ، أما الآثار
الفريدة فى نوعها فتصنع نماذج لها
مطابقة للأصل .
ولما
كان انشاء مثل هذا المتحف الكبير ،
على الوجه الذى يفى تماما بالغرض
المنشود ، قد لا يتيسر تحقيقه الا
بعد زمن طويل ودراسة عميقة ، فان
كثيرا من الفائدة المطلوبة يتسنى
توفره بأقامة انموذج مصغر لهذا
المتحف واذا انتهزت لجنة المعارض
فرصة اعداد المعرض القادم ، وعنيت
بدراسة تنفيذ هذا المشروع فانها
تؤدى للمعرض وللبلاد خدمة جليلة
الشأن .
6
أبريل 1939
السكرتير
الخاص لجلالة الملك
|