لماذا رفض محمد على فكرة حفر قناة السويس ؟؟؟

  • ظهرت فكرة حفر قناة تربط بين البحر الأحمر و البحر المتوسط لأول مرة أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر (1798-1801م) ، و لكن بسبب خطأ في الحسابات الهندسية قرر مهندس الحملة الفرنسية لوبير أن البحر الأحمر أكثر ارتفاعاً من البحر المتوسط ، و بالتالي عدم جدوي حفر القناة .

  • و ظل هذا الاعتقاد قائم حتي جاءت جماعة السان سيمونيين إلي مصر ( نسبة إلي هنري سان سيمون الفرنسي ) و أعادت دراسة المشروع و أثبتت أن البحرين في مستوي واحد و أنه يمكن شق قناة بينهما .

  • عرضت جماعة سان سيمون علي محمد علي فكرة إنشاء القناة بالإضافة إلي مشروعات أخري في مصر منها مشروع سد القناطر ، وافق محمد علي علي مشروع القناطر و لكنه لم يتحمس لمشروع القناة ، و اشترط أن تتفق القوي الأوروبية مع الباب العالي في تركيا علي حقوق وواجبات كل طرف في حال شق هذه القناة .  

  • كان محمد علي يري أن هذا المشروع مختلف عن كل المشاريع التنموية الأخري التي قام بها في مصر ، فهو يفتح الباب علي مصرعيه لتدخل القوي الأجنبية في مصر للسيطرة علي هذا الطريق الذي سيصبح أقصر الطرق البحرية لربط أوروبا بمستعمراتها في آسيا ( وهذا ماحدث بالفعل بعد حفر القناة فى عهد سعيد باشا ) .
  • هذا بالإضافة إلي معارضة إنجلترا لهذا المشروع ، لأنه سيسهل لبقية الدول الأوروبية مد نفوذها في جنوب شرق آسيا علي حساب النفوذ الإنجليزي هناك ، لذا كان محمد علي يعتمد علي إنجلترا في الوقوف ضد المشروع و عدم إتمامه .

  • و الحقيقة أن محمد علي لم يكن معارضاً للمشروع في حد ذاته ، و إنما في منح شركة أجنبية امتياز الحفر و الانتفاع به ، و هو ما عبر عنه القنصل الفرنسي في القاهرة مسيو بارو بقوله إن محمد علي لن يرضي أبداً بمنح شركة أجنبية امتياز حفر هذه القناة و بالتالي لن يسمح مهما كان الثمن لهذه الشركة بالانتفاع بالقناة .

  • و أضاف : إن محمد علي لديه من الوسائل و الامكانيات اللازمة للقيام بذلك دون اللجوء لرؤوس أموال أجنبية ، و قد يطلب من فرنسا المهندسين اللازمين للقيام بالمشروع ، و لكنهم سيعملون في هذه الحالة لحسابه فقط .

  • وهذا القول يكشف لنا عن سياسة محمد علي التي انتهجها في تحقيق نهضة مصر الحديثة ، فكان يقوم بمشاريع اقتصادية ضخمة تمثل نقلة حضارية لمصر في مجالات الزراعة والصناعة و التجارة و لكن برؤوس أموال مصرية تستثمرها الحكومة المصرية في هذه المشاريع وتوظف لديها العقول الأوروبية اللازمة للقيام بالدراسة و التخطيط و التنفيذ ، و تجلي ذلك في مشروع القناطر و مشاريع حفر الترع .

  • و كان اعتماد محمد علي علي الخبراء الأجانب وقتي حتي تعود البعثات العلمية المصرية التي اوفدها للدراسة في الخارج و تتولي هذه المشاريع ، فكان محمد علي يدرك أن الأجانب ولاءهم الأول و الأخير لحكوماتهم ، لذا يجب الاعتماد علي العنصر المصري للحفاظ علي المصلحة الوطنية و تحقيق تنمية طويلة الأمد .

  • و لكن الوضع تغير مع تولي سعيد باشا حكم مصر ،  فعلي الرغم أن عهد سعيد كان فيه بعض الانجازات لمصر علي مستوي النهضة الشاملة ، إلا أن سعيد نفسه كان يفتقد إلي الحنكة السياسية و بعد النظر الذان تمتع بهما أبوه محمد علي ، فأدي ميله إلي العنصر الأوروبي و الثقافة الفرنسية و صداقته لديليسبس إلي فتح الباب علي مصراعيه لتدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلي مصر ، و هي أموال لم تستثمر في الصناعة و إنما فقط في الزراعة لتمد أوروبا بالمواد الأولية اللازمة للثورة الصناعية ، مثل القطن ، كما لم يجد سعيد غضاضة في منح شركة قناة السويس العالمية امتياز حفر و الانتفاع بقناة السويس لمدة 99 عاماً و بشروط مجحفة للجانب المصري .

  • بدأ الحفر في قناة السويس سنة 1859م ، و استمر العمل لمدة عشرة أعوام متصلة ، و تم افتتاح القناة للملاحة في عهد الخديو اسماعيل في 11 نوفمبر 1869 م .  

 

الصفحة السابقة

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net