( كواليس الملكية ) : مذكرات رجال الملك فاروق تتفق في الوقائع .. وتختلف في التفسير


محمد المصطفى    ١٠/ ٨/ ٢٠٠٧

 

( في كواليس الملكية مذكرات رجال الحاشية في العهد الملكي ) عنوان الكتاب الصادر أخيراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب للدكتور محمد الجوادي ، والكتاب يجمع مذكرات حسن يوسف ، وصلاح الشاهد ، والدكتور حسين حسني ، والغريب الحسيني ، وهم أربعة من رجال الحاشية في العهد الملكي راقبوا عن كثب ما يجري في كواليس فترة عامرة بالأحداث ، وتتناول مذكراتهم حقبة تاريخية تمضي مع عهد الملك فاروق ، مصورة مشاهد لما كان يحدث في تلك الفترة .

 ويذكر المؤلف في مقدمته للمذكرات ، أن القارئ يدهش من اتفاق الكثير من الوقائع ، ومدي التباين في تفسيرها ، كما يوضح المؤلف أن دراسة هذه المذكرات تلقي بالضوء علي العلاقات ومناطق الصراع بين القصر والإنجليز ، وكذلك بين القصر والوفد ، وبين الحركة الوطنية ، والمحتل الأجنبي ، وبين أحزاب الأقلية وأحزاب الأغلبية ، وبين القصر والقوي السياسية وبين جهاز الأمن وهذه القوي في الوقت نفسه ، وبين الأنداد من الزعماء وأصدقاء الأمس من الذين دب بينهم الخلاف فتحولوا إلي شبه أعداء ، وبين بعض المصريين البارزين ودول المحور .

 الفصل الأول ينقل مذكرات حسن يوسف باشا كواحد من رجال القصر الملكي المشهورين ، والذي اتيح له أن يكون رئيساً للديوان الملكي بالإنابة ، ولم تتم ترقيته كرئيس للديوان ، بسبب غضب الملك فاروق عليه ، بسبب تصرفه في الحفل الذي أقامه الملك فاروق للملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية ، حيث قرر الملك فاروق منح الأبناء الكبار للملك عبد العزيز أوسمة ، أما الأبناء الأصغر سناً فيمنحهم ميداليات ذهبية ، واحتج الأبناء الأصغر سناً علي ذلك ، وأيدهم والدهم في هذا الاحتجاج ، وعزم حسن يوسف علي تقديم الأوسمة لجميع الأمراء الأكبر والأصغر .

وكان هذا العزم علي مسؤوليته ، ولم يسعفه الوقت في أن يعرض الأمر علي الملك فاروق الذي اكتشف الأمر في الحفل ، وأقسم علي أن يظل حسن يوسف وكيلاً للديوان ولا يعين كرئيس له أبداً ، أما الفصل الثاني فيروي فيه الدكتور الجوادي مذكرات الدكتور حسين حسني ، السكرتير الخاص للملك فاروق ، والذي قضي سنوات طوالاً مع الملك ، ويبدأ بالإشارة إلي جمال التعبير وسلامة اللغة في هذه المذكرات ، والبعد عن المبالغات ، مشيراً إلي سلاستها وجاذبيتها .

وذكر الدكتور الجوادي أيضاً أنه لم يستطع أن يتجاوز الإشارة إلي أن هذه المذكرات كتبت بروح الاستعلاء علي الشعب والمصريين والوفد ، والأحزاب ، والحكومات المتعاقبة والحقبة الليبرالية ، ومن خلال هذه المذكرات يستنتج الدكتور الجوادي أن أصحابها تصوروا أن فاروق مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مصر ، لكن مصر لم تكن محظوظة لأنها لم تكتشفه ، وكان الأجدر بمصر أن تستفيد منه بشكل أفضل ، وأنه كان يتمني أن تتاح له الفرصة لكي ينفذ مجموعة من الخطط التي تحقق الرفاهية لمصر ، وتتيح لملكها أن يحقق نهوضاً ساحقاً ، وحول هذه الخطط يسأل الدكتور الجوادي هل كانت السنوات الست عشرة أو الخمس عشرة التي قضاها الملك فاروق ملكاً فترة قصيرة ؟ .

 ويتحدث الجوادي عن مذكرات صلاح الشاهد ، وهي مذكرات الرجل بين عهدي «الملكية وما بعدها» ، فصلاح الشاهد كان من أبرز الذين تعاونوا مع حكومات ما قبل الثورة وبعدها ، حيث كان يعمل رجل مراسم ( تشريفاتي ) وعمل أميناً وكبيراً للأمناء مع النحاس وعلي ماهر وأحمد نجيب الهلالي ومحمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات ، ونال ثقتهم وتقديرهم ، ومن أبرز ما يحكيه الشاهد في مذكراته تلك اللحظة التي صاحبت مغادرة الملك فاروق للبلاد بعد قيام الثورة .

وعن التأثير النفسي لتلك اللحظات علي الحاضرين يقول ( يبدو أن لوعة هذه اللحظات التاريخية قد أثرت تأثيراً كبيراً علي اللواء نجيب والقائمقام أحمد شوقي ، وهما ينظران إلي فاروق وبناته ، فانخرطا في البكاء حتي إن جمال سالم تهكم من هذا البكاء ) ، ويتناول الدكتور الجوادي مذكرات الغريب الحسيني ، الحارس الخاص للملك ، والذي بقي معه الأربع سنوات الأخيرة في حكمه .

يقول الحسيني في بداية مذكراته ( أنا الحسيني .. الغريب الحسيني الحارس الخاص للملك فاروق ، شاءت الأقدار أن أكون حارساً خاصاً لشخص كنت أكره مجرد سماع اسمه ، وعندما اقتربت منه تمنيت أن يجيء اليوم الذي أقدم فيه روحي كأقل ثمن فداء لهذا الرجل ! ) ، ويروي الحسيني أيضاً أن صوت فاروق مازال عالقاً بأذنه عندما كان يناديه ياحسيني تعال هنا ..

وعن صورة الملك فاروق وهو يغادر الإسكندرية يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٢ روي أن فاروق قال له ( ما تسيبنيش يا حسيني ، خليك ورايا أمن ضهري ، أنا حاسس إنهم ح يقتلوني ) ، مشيراً إلي أن فاروق كان يخاف من الاغتيال ، وأنه كان محاطاً بأسوار عالية ، وساحة من المؤامرات في كل مكان .

 

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net