للمبارزة تاريخ .. قابع فى نادى السلاح الملكى

 

 

نادى السلاح الملكى أقدم أندية مصر بلا منازع فقد تأسس عام 1891 ، ويليه نادى الأوليمبى بالإسكندرية عام 1905 ، ثم النادى الأهلى بالجزيرة عام 1907 .

 ونادى السلاح الملكى يعد بذلك أول ناد للمبارزة على مستوى المنطقة العربية ، وأحد أهم ثلاثة أندية على مستوى العالم فيما يتعلق بالمبارزة ورياضة الشيش .

تأسس نادى السلاح الملكى فى بداية الأمر على يد مجموعة من الأمراء والنبلاء والوجهاء الأجانب وعلى رأسهم الجنرال ماكسويل ومدرب السلاح العالمى ( كونستانتسى وشيكوريل ) أحد أبرز رجال الأعمال فى القطر المصرى فى ذلك الوقت .

البداية الحقيقية لنشأة نادى السلاح كانت بإحدى الصالات بعمارة الدرمللى ثم انتقل بعد ذلك لأحد المبانى التابعة لوزارة الاشغال العمومية ثم إلى مقره الحالى بالعتبة والقابع على جزء من حديقة الأزبكية ، التى صممها ( مسيو دلشفيادى ) مفتش المزارع الخديوية فى عهد الخديو إسماعيل .

ومنذ عام 1931 أصبح النادى يتمتع بالرعاية الملكية حيث أطلق عليه الملك فاروق حين كان أميرا للصعيد لقب نادى السلاح الملكى المصرى ، واجتذب النادى إلى عضويته العديد من أفراد الأسرة العلوية ، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية استعان النادى ( بديبارون ) أحد أبطال فرنسا لتدريب اللاعبين المصريين ، وبفضله حققوا أفضل النتائج .

وجاءت ثورة 23 يوليو 1952 وأغلقت النادى لأنه يعتبر أحد أندية النبلاء والأمراء وهوانم القصور فى مصر ، ثم أعيد افتتاحه واستمر نشاطه حيث توالى الخبراء الأجانب من المدربين الفرنسيين والروس والمجريين والألمان على تدريب الفريق المصرى .

أما أصل اللعبة فيعتقد البعض أنها عرفت فى العراق منذ 3 آلاف سنة قبل الميلاد حيث عثر على أقدم سيف فى مقبرة الملك مارجون الذى حكم أور فى شمال العراق ، وكان السيف مصنوعا من البرونز ، إلا أنه لم يظهر دليل يؤكد علاقة هذا باللعبة الرياضية ، بينما يقول اليابانيون إن أول سيف للرياضة صنع فى اليابان منذ ألفى سنة ، حتى إنهم احتفلوا بنقل هذا السيف واسمه روزاتا نوروجى وصاحبه ( الأمير ياما توسيكوتو ) إلى مدينة ناجويا وذلك عام 1935 واعتبر هذا اليوم عيدا لهم .

إلا أن الدراسات الحديثة فى التاريخ الرياضى تؤكد أن مصر الفرعونية أول من عرفت رياضة التحطيب التى هى أصل المبارزة منذ أكثر من أربع آلاف سنة قبل الميلاد ، إلا أنه اكتشف فى مقبرة بتاح حتب بسقارة من عصر الأسرة السادسة رسم لمبارزة بالسلاح وليس بالعصا ، كما اكتشف فى معبد رمسيس الثالث بمدينة هابو رسم مماثل لمبارزة بالسلاح يرجع لعام 1300 ق. م يظهر فيها المتبارزان وقد لبس كلاهما واقيا يشبه إلى حد كبير ما يستخدم اليوم كما أن السيوف مصنوعة من النحاس أو البرونز وأطرافها مغطاة كما هو الحال اليوم لكى لا تخترق جسم المنافس عند الطعن .

والمصطلحات الحديثة للعبة المبارزة فرنسية ، وعرفت مبادئها فى أوروبا حيث كان النبلاء يلجأون إليها فى كل نزاع أو خصومة ، وقد حظيت رياضة المبارزة باهتمام النبلاء والأمراء لأنها كانت الرياضة المفضلة لهم لما تتسم بها من نبل ورقى ولأثرها فى غرس الروح القتالية والتقاليد النبيلة فى نفوس ممارسيها .

 كما يرجع انحصار هذه الرياضة بينهم إلى التكلفة المرتفعة لأدواتها .

ورياضة السلاح تحتاج إلى زى بموصفات خاصة لحماية اللاعبين من اختراق السلاح لأجسادهم ويتكون الآن من بدلة بيضاء وقناع من السلك المثقوب بالإضافة إلى قفاز من الجلد الأبيض وحذاء خاص يحمى من التزحلق ، أما الملعب فهو معدنى معزول من مادة خاصة لتوصيل الكهرباء ، وذلك حتى يتلمس الجهاز لقطات اللاعبين بدقة ، أما السيف فيصنع من مادة تسمح له بالانثناء عند لمس اللاعب فلا يصيبه ، ولا توجد سن للاعتزال طالما أن اللاعب يتمتع بلياقة ذهنية وبدنية .

كان لمصر شرف السبق فى تمثيل الدول العربية على الصعيد العالمى فى هذه الرياضة ، وحققت مراكز متقدمة إلى أن أصيبت مصر بزلزال عنيف بفقد فريق مصر القومى فى أغسطس عام 1958 ، أثناء رحلة الفريق إلى فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية عن طريق لندن ، فبعد دقائق من مغادرتهم مطار لندن انفجرت الطائرة التى كانت تقلهم فى الجو وسقطت فى مياه المحيط الاطلسى ، ففقدت مصر أقوى فريق سلاح ، كان من بين أبطالنا عثمان عبدالحفيظ وأحمد صبرى وحسن رشاد وغيرهم وكان يرافقهم المدرب المجرى تيللى .

منذ تأسيس النادى تشكل له واحد وعشرون مجلس إدارة رأسها فى بادئ الأمر الأمير محمد على توفيق عام 1899 ، ثم الخديو عباس حلمى الثانى 1902 ، ثم الأمير محمد كمال حسين ، ويليه الأمير يوسف كمال ، وفى عام 1929 تولى رئاسته الأمير إسماعيل داود ، وكان الأمير فاروق رئيسا فخريا .

ورأسه قبل الحرب العالمية الثانية وفى أثنائها الجنرال ماكسويل ، وتولى بعده احمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى وهو أحد أبرز لاعبى الشيش ثم محمد طاهر باشا عام  1949، وعندما أعيد افتتاحه بعد أن أغلقته الثورة رأسه عبداللطيف بغدادى ، وتوالى رئاسته كثير من الشخصيات إلى أن تولت رئاسته سعاد محمد رشاد وتعد أول امرأة مصرية تتولى رئاسة ناد رياضى فى مصر لخمس دورات متتالية من 1986 حتى 2006 ، وتولى رئاسته بعد ذلك إلى الآن الكابتن محمد عبدالمجيد طاحون وجميعهم من أبناء النادى وأبطال الرياضة المتميزين .

ومن أشهر مدربى نادى السلاح الملكى ، الفرنسى كونستانتسى سالون الذى تقاعد عام 1935 وحل محله زميله لويس رينو وكان له دور كبير فى نشر رياضة المبارزة بين المصريين حتى عام  1939، ثم المجرى أندريا تيللى .

وتخرج فى النادى أبطال رفعوا اسم مصر عاليا فى المحافل الدولية ، ويعد أحمد حسنين باشا أشهر لاعبى النادى ، وبطلا فى لعبة السيف حيث مثل مصر فى الدورة الأوليمبية الخامسة ببروكسل عام 1912 وهى أول مشاركة مصرية وكانت البعثة تتشكل من لاعب واحد ، كما حصل الفريق المصرى عام 1952 على المركز الرابع فى بطولة العالم ، وعلى بطولة البحر الأبيض المتوسط ، ومن أبطالنا على سبيل المثال وليس الحصر فتحى الأشقر وملازم أول عبدالمنعم الحسينى ومحمد رياض وهم من شهداء حادث الطائرة .

وشهد عام 1930 المرأة المصرية مزاولة رياضة المبارزة ، وكانت الصحفية الكبيرة الراحلة أمينة السعيد أول مصرية مارست رياضة الشيش ،  وتعد سعاد محمد أول فتاة مصرية تشارك فى بطولة دولية ، فى المجر عام 1962، وهى بطلة الجمهورية لخمس سنوات .

120 عاما عمر نادى السلاح الملكى ، لاقى فيها كل الرعاية والعناية والاهتمام فيما مضى وكان مركز إشعاع رياضى فى الشرق الأوسط كله ، واليوم نادى السلاح قابع فى حديقة الأزبكية التى كانت يوما متعة للناظرين وباتت اليوم ( بعبع ) مخيف لمن يقترب منها فى ظل إهمال وصمت المسئولين .

 

 

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net