حس
الفكاهة لدى الملك فاروق
للبحث
التاريخي الا ان هناك صفة شخصية
وحيدة تكاد تكون امرا مسلما به
ونقطة اتفاق بين مؤيدينه
ومعارضينه الا وهي حب الملك
للفكاهه ، وميله للمرح والقاء
النكات ، تلك الصفة بدأت مع الملك
فاروق منذ طفولته بشهادة مربيته
مسز نيلور والتي نشرت احدي الصحف
الاسترالية عام ١٩٣٧
بعضا من ذكرياتها مع الملك ، وتبعا
لرواتها فان الامير فاروق كان
محبا للمزاح مع خدم وموظفي القصر ،
ولم يمضي الاول من ابريل من كل عام
دون اختراع مزحة تكون مثارا لتندر
الجميع ، وتحكي المربية قصة طريفة
عنه مفادها انها اهدته ذات يوم
لعبة عبارة عن كاميرا ينطلق منها
تيارا من المياه بجرد الضغط علي زر
التقاط الصورة ، وانها دخلت علي
الامير فاروق ذات يوم فسمعته يقول
لوالده الملك فؤاد : قف معتدلا
ياابي لكي التقط لك صورة ، ولم
يسعف الوقت مسز نيلور لتحذير
الملك الاب فقد ضغط فاروق علي الزر
سريعا ، ولحسن الحظ فقد اعجبت
الخدعة الملك فؤاد ولم يعاقب
الامير عليها !
.
خلال
عهد الملك فاروق نقرأ ايضا في
الصحف المصرية العديد من المواقف
التي ترينا بوضوح حس الفكاهة
التلقائي عند الملك ، كان الملك
فاروق علي سبيل المثال هاويا
للسباحة ويمارس تلك الرياضة
بكثافة في الصيف وكان الوقت
المفضل عنده للسباحة هو الساعة
الثانية صباحا ، وفي احد الايام
شعر الملك بتعب عام واستدعي
الطبيب للكشف عليه ، وقابلت
الملكة نازلي الطبيب قبل ان يفحص
الملك ورجته ان يوصيه بان يتوقف عن
عادة السباحة في منتصف الليل
لانها تؤدي الي مرضه ، وبالفعل
اخبر الطبيب الملك ان سبب الالم
الذي يشعر به في كل انحاء جسده هو (
حمامات الساعة اتنين ) ونصحه ان
يتوقف عنها ليستعيد صحته ، وبعد
يومين زار الطبيب الملك مرة اخري
فوجد ان حالته قد تحسنت كثيرا ،
فقل له : حسنا يامولاي انك قد توقفت
عن ( حمامات الساعة اتنين ) فاجاب
الملك فعلا انا توقفت عن ( حمامات
الساعة اتنين ) وبقيت بعوم الساعة
واحدة
ونص
!
.
في
احدي زيارات الملك الي مصانع
النسيج في المحلة ارادو ان يثبتوا
له جودة الصباغة المصرية فاحضروا
نسيجا مستوردا ووضعوه امامه في
مياه بمسحوق غسيل فزالت اصباغه
واجروا نفس التجربة مع نسيج مصري
من انتاج المحلة فلم تتاثر
الاصباغ بالغسيل ، فعلق الملك
قائلا: اوعوا تكونوا حطيتوا
القماش الاجنبي في محلول كيماوي !!
.
وحدث
مرة أن كان الوزراء يفطرون فى يوم
من أيام رمضان على المائدة
الملكية ،
وكان
فضيلة الشيخ المراغى بين المدعوين
فالتفت اليه الملك وسأله عن
الخلاف فى وجهات النظر بين الائمة
الاربعة فى تفسير الآية الكريمة
التى تنص على نقض الوضوء بملامسة
النساء ، فأخذ الاستاذ الاكبر
يشرح باسهاب اختلاف نظر الائمة فى
الملامسة ، وهنا تدخل احد الوزراء
السابقين فى الموضوع وقال : أنه
غير مذهبه من الشافعى الى مذهب أبى
حنيفة حتى لا يضطر للوضوء كلما لمس
يد زوجته ، فنظر اليه الملك نظرة
ضمنها عدم رضاه على هذا التعليق
والتدخل فى المسائل الشخصية على
المائدة الملكية ، ولما انتهى
الطعام قام الملك ومن معه للصلاة
فنظر الى المصلين ولم يجد بينهم
ذلك الوزير ورآه فى ناحية ولم يهئ
نفسه للصلاة فخاطبه : انت يا باشا
رجعت للمذهب الشافعى والا ايه ؟ ،
وكانت نكتة بارعة وردا محكما على
تعليق الوزير .
حدث
ذات مرة ان الملك كان يزور معرض
الفن الذى اقامته وزارة المعارف
فى الجزيرة ، وكان المشرفون قد
هيأوا الفسقية الوسطى بشكل جميل
ووضعوا فى نافورتها عطرا فلما
اقترب الملك من النافورة وشم
الرائحة العطرية واعجب بالفكرة
فوقف امامها دقائق فاقترب وزير
المعارف وفال : ده ياموالاى بتطلع
رائحة عطرية....!
فنظر
اليه لملك وقال مبتسما : طيب عطر
منديلك فيها ! .
حدث
ذات مرة أن خرج الملك فى نزهة
خلوية ، فى ذلك الوقت، حول قصر
القبة فعثر على فلاح عجوز فقير ،
فسلم عليه ولم يعرفه الرجل فرد
التحية ودعاه للجلوس فجلس معه على
قطعة حجر امام كوخه ، وبدأ يسأل
الرجل عن الزراعة والارض والمحصول
وعلم من الرجل انه فقير وذو عائلة
فأخرج من جيبه جنيها واعطاه للرجل
قائلا: خد الجنيه ده لتفرج به ضيقك
، فشكر الفلاح الملك ولكنه طمع فى
اكثر حينما رأى الجنيه وقال: ربنا
يخليك يا سدى ادحنا لقينا تمن
العيش ربنا يرزقنا بتمن الغموس ،
فرد الملك : تمن العيش ؟ ده يشتريلك
بقلاوة مش عيش بس !
.
لم
يكن الملك فاروق محبا للدعابة فقط
ولكنه كان سريع البديهة ايضا
وبالتعبير العامي ( بيفهمها وهي
طايرة ) ، في احدي البطولات
الرياضية التي حضرها الملك أنجز
احد المتسابقين , وكان ظابطا شابا ,
العديد من الجوائز وفي كل مرة
عندما كان يكسب مسابقة كان المعلق
الرياضي يذيع في الميكروفون : فلان
احرز جائزة رغم انه من قنا وحضر
الي القاهرة قبل البطولة بيومين
ليتدرب , ولو كانت لديه فرصة اكبر
في التدريب كان احرز انجازات اكثر
، فقال الملك فاروق لمن حوله: يعني
قصده يشرح المسألة ، انقلوه
القاهرة !
وبالفعل
فان ضحكة الملك فاروق المنطلقة في
تلقائية ظلت ملازمة له طيلة حياته
حتي قي اصعب اوقات المنفي ويتعجب
الانسان هنا : ماذلك القلب الذي
حافظ علي مرحه رغم الغربة وغدر
الزمن وهزائم الايام ?
|