-
فؤاد
الأول ابن الخديوي إسماعيل ( 26
مارس 1868 - 28 أبريل 1936 ) سلطان مصر من
1917 إلى 1922 ، والدته
هى الزوجة الثالثة للخديوى
اسماعيل ( الاميرة فريال هانم )
وعند بلوغه السابعة من عمره الحقه
والده بالمدرسة الخاصة بقصر
عابدين ، والتى انشأها لتعليم
ابنائه ، واستمر بها ثلاث سنوات ،
ثم سافر بعد ذلك الى ايطاليا وهناك
عاش حياة الضياع والأفلاس وخلافه .
-
عانى فؤاد أثناء فترة
إقامته في إيطاليا فسافر
إلى تركيا من أجل مقابلة
السلطان عبد الحميد
والتوسط حتى يعود لمصر،
وبالفعل أمر السلطان
بعودته إلى مصر وألحقه
بالعمل في الجيش المصري .
-
وبعد عودته إلى مصر عام 1890 عني بشئون
الثقافة ورأس اللجنة التي
تولت مهمة تأسيس وتنظيم
الجامعة المصرية الأهلية
عام 1906، ثم صعد ليعتلي
العرش عقب وفاة أخيه
السلطان حسين كامل عام 1917،
وكان من المفترض أن يتولى
كمال الدين حسين ابن
السلطان حسين كمال العرش
خلفاً لوالده إلا أن السلطات
البريطانية تدخلت من أجل
تنصيب أحمد فؤاد على
عرش مصر .
-
قام
السلطان احمد فؤاد بعد
توليه عرش مصر بدراسة
القوى المؤثره على
الاوضاع السياسية فى مصر ،
ووجد ان الاحتلال
الانجليزى هو اقوى تلك
القوى ، فالاحتلال
الانجليزى هو الذى اتى به
الى العرش من خلال مرسوم
انجليزى من المعتمد
البريطانى فى مصر ( السير
ريجنالد وينجت ) ، وقد كان
يعلم جيدا ان الانجليز هم
من قاموا بعزل ابيه
الخديوى اسماعيل ، وهى
القوة التى ساندت الخديوى
توفيق ضد احمد عرابى ،
بالاضافه الى انها هى التى
عزلت الخديوى عباس حلمى
الثانى عندما كان فى زيارة
للاستانه ، ولم تسمح له
بالعوده الى مصر .
-
لذلك
كان السلطان احمد فؤاد يرى
انه لابد من المهادنة معها
، بحيث تكون سندا له وليس
ضده ، كما كان يحرص دائما
على ان تكون علاقته
بالانجليز علاقة طيبة ،
وقد ظهر هذا جليا عندما
قام بأول عمل رسمى له بعد
توليه السلطنه وهو زيارة
المعتمد البريطانى فى
مقره ، واضعا امكانيات
البلاد فى خدمة الجيش
الانجليزى ، بالاضافه الى
تبرعه بثلاثة ملايين
جنيها من ميزانية الدولة ،
وهو مبلغ ضخم فى ذلك الوقت
، وذلك مساهمة من مصر
للحكومة البريطانية فى
مواجهة نفقات الحرب .
-
كانت
القوى الثانية التى يرى
السلطان احمد فؤاد انها
كانت ذات تأثير على
الاوضاع السياسية فى مصر
هى الحركه الوطنية التى
نشطت قبل الحرب العالمية
الاولى ، وقد كانت تسعى
الى اقامة حكم دستورى ،
وهو الحكم الذى ينتقص من
سلطة القصر ، الى الحد
الذى يصبح فيه الملك يملك
ولايحكم ، بالاضافه الى
حكومة شرعية منتخبة من
الشعب ، ويكون بيدها
مقاليد الامور فى البلاد .
-
اما
القوى الثالثة فقد كانت
القصر كمؤسسة قائمة لها
سلطاتها الموروثه ،
تساندها طبقة ارستقراطية
ورثت مركزها فى المجتمع
بمساندتها للقصر .
-
بعد
انتهاء الحرب العالمية
الاولى سنة 1919 ، نشطت
الحركة الوطنية المقاومة
للانجليز للحصول على
استقلال مصر وجلاء
الاحتلال ، وهنا قام
السلطان احمد فؤاد الاول
بدور كبير لتشتيت جهود
زعماء الحركة الوطنية
وحرمانهم من اى مكاسب تزيد
من شعبيتهم ، فأصدر مرسوما
بتشكيل الوفد الرسمى
للمفاوضات برئاسة عدلى
باشا يكن رئيس الوزراء ،
متجاهلا حزب الوفد مما ادى
الى معارضة شديده من سعد
باشا زغلول احدث انقساما
فى الحزب نفسه ، كما انشق
من الحزب بعض اعضائه ،
متهمين سعد باشا زغلول
بأنه حول قضية البلاد من
صراع ضد الاحتلال الى
خضومة شخصية بينه وبين
عدلى باشا يكن .
-
وبعد
ذلك قامت بريطانيا بمنح
مصر استقلالا وهميا حددت
شروطه التى رفضتها بالطبع
القوى الوطنية بزعامة سعد
باشا زغلول ، الذى كان يرى
ان تلك الشروط تفرغ
استقلال مصر من مضمونه ،
اذ نصت على بقاء الاحتلال
فى مصر بدعوى الدفاع عنها
وكذلك حق بريطانيا فى
حماية الاقليات والاجانب .
-
فقامت
بريطانيا بأصدار تصريح 28
فبراير سنة 1922 معلنة
استقلال مصر مع العديد من
التحفظات التى تحكم من
خلالها سيطرتها على مصر
والسودان وتستطيع من
خلالها التدخل فى شئون مصر
.
-
وعقب
إعلان الاستقلال أصدر
السلطان فؤاد أمراً
بتغيير لقبه من سلطان إلى
ملك على مصر، وأصبح يعرف
بملك مصر وسيد النوبة
وكردفان ودارفور ،
واصبح
اللقب الرسمى له هو ( حضرة
صاحب الجلالة الملك فؤاد
الاول ) .
-
ويذكر
للملك فؤاد الاول انه قد
سعى لدى بريطانيا لتعديل
نظام وراثة الحكم فى مصر
لينحصر فى ذريته بدلا من
اكبر ابناء الاسرة ، فكان
له مااراد واخطرته
بريطانيا فى 15 ابريل سنة
1922 بموافقتها على ذلك ،
وان تكون وراثة العرش
لفاروق ونسله من بعده ،
فأصدر الملك فؤاد امرا
ملكيا فى 13 ابريل سنة 1922
بنظام وراثة العرش ، واصبح
اللقب الرسمى " لفاروق
" هو " حضرة صاحب
السمو الملكى الامير
فاروق " كما لقب ايضا
بلقب " امير الصعيد " .
-
استغل
الملك فؤاد الخلافات
الحادة بين القوى
المختلفة فى مصر تجاه وضع
الدستور ، واخذ يماطل فى
اصداره لكى يكسب مزيدا من
السلطات الى ان اجبرته
بريطانيا فى النهايه على
اصداره .
-
قام
الملك فؤاد بأجراءات كان
الهدف منها هو تقويض الحكم
الدستورى وتعطيل الحياة
النيابية وحل مجلس النواب
ومجلس الشيوخ ، وجعل من
حقه تعيين الاعضاء
المعينين فى مجلس الشيوخ ،
ثم اصدر اول مرسوم بأقالة
الوزارة الائتلافية
برئاسة مصطفى النحاس باشا
، والتى لم يصدر على
تأليفها اكثر من ثلاثة
شهور .
-
توفي
الملك
فؤاد
في قصر القبة في 28 أبريل 1936
ودفن في مسجد الرفاعي ،
وقد خلفه على العرش ابنه
الملك
فاروق .
-
يكشف
د
/
( يونان
لبيب رزق ) عن الجوانب
المجهولة في حياة الملك (
فؤاد ) حيث يقول : ( إن
المعلوم في حياة ( فؤاد )
والذي غالبا ما يثار عن
حياته هو دوره في
الحياة
السياسية والذي كان يغلب
عليه في - معظمه - موالاة
الإنجليز والاستجابة
لضغوطهم
على حساب الحركة الوطنية )
.
-
أما
الجانب المجهول
من
حياة هذا الملك فإنه يظهر
في دوره في الشئون
الاقتصادية والثقافية ،
وقد يرجع هذا
في
- رأي دكتور ( يونان ) إلى أن
( فؤاد ) كان أول حاكم لدولة
مصر المستقلة في التاريخ
الحديث
وهو الاستقلال الذي أرسته
ثورة 1919 وما تبعها من صدور
تصريح 28 فبراير .
-
ويبحث
الكتاب في قسمه الأول ( 1868
– 1917 ) سنوات
تكوين
الملك فؤاد وخروجه من مصر
مع أبيه الخديو إسماعيل ثم
عودته واعتلائه العرش ،
أما
القسم الثاني فيتناول
فؤاد كسلطان لمصر ،
وعلاقته
بثورة
1919 ، ويتناول القسم
الثالث
الدور المؤسسي ، سواء في
الشأن الاقتصادي وبناء
بنك مصر ومصر للطيران وبنك
التسليف
الزراعي ، وفي الشأن
الثقافي ، كإنشاء الجامعة
الأميرية ومجمع اللغة
العربية
والإذاعة
الحكومية وغيرها .
-
صحيح
أن الاستقلال جاء
منقوصا
بسبب التحفظات الأربعة ،
وصحيح أن العديد من قواعد
الاستقلال حاول بعض آباء
(
فؤاد ) إرساءها وخاصة في
عهد ( محمد علي ) و ( إسماعيل
) إلا أنه في كل الأحوال
ظلت مصر
ولاية
عثمانية ، كما أن ( محمد
علي ) و ( إسماعيل ) قد اهتما
أكثر بمظاهر الاستقلال في
الخارج والتي كان أبرزها
إقامة العلاقات السياسية
المباشرة مع الدول
الأجنبية ، أما
الاهتمام
بأثر الاستقلال على
الأوضاع الداخلية وخاصة
الاقتصادية والثقافية فلم
يتم
الاعتناء
به بدرجة كافية .
-
وهناك
العديد من الملاحظات التي
يسجلها
( د / يونان ) والتي تؤكد دور
( فؤاد ) في المجالين
الاقتصادي والثقافي منها :
-
إن
يد الأجانب في هذين
الميدانين أصبحت أخف وطأة
بعد صدور
تصريح
28 فبراير ، حتى إن رجلا مثل
( طلعت حرب ) جهر صراحة بأن
المساهمين في بنك مصر
لابد
أن يكونوا من المصريين فقط
، وقد زادت الأنشطة التي
تم اقتصارها على المصريين
فقط
بعد صدور قانون الجنسية 1929
.
-
كانت
فرصة الملك
فؤاد
) في التحديث أكبر كثيرا من
أسلافه ، حيث سادت في عهده
روح الرغبة في التغيير
بين
المصريين على عكس الحال في
عهد أبيه وجده ، حيث كانت
مبادراتهما فردية ولم يكن
للمصريين
دور حيوي فيها .
-
كما
أن أغلب المنشآت
الاقتصادية
والثقافية
التي ظهرت في عهد ( فؤاد )
كانت تقوم عادة في الفترات
التي تزداد فيها
قبضته
على السلطة ، فبنك مصر نشأ
عام 1920 ، وبناء مدينة بور
فؤاد وتحويل الجامعة
الأهلية
إلى جامعة أميرية وذلك في
عهد حكومة ( زيوار باشا ) في
الفترة من 1924-1926 ،
كما
تم إنشاء معهد فن التمثيل
وبنك التسليف الزراعي
والإذاعة الحكومية ومجمع
اللغة العربية ومصر
للطيران وذلك في عهد وزارة
( صدقي ) من الفترة 1930-1934 .
-
أما
الأوقات التي تولى فيها
الوفد الوزارة سواء في عهد
( سعد زغلول ) أو ( النحاس )
فلم تتسم بالعديد من
الإنجازات ، وهذا لا يمثل
إدانة
للوزارات
الوفدية ، لأن فترات حكم
الوفد كانت تتسم في العادة
بجو سياسي عاصف ومعارك
وطنية لا تترك الوقت
للاهتمام بأي شيء آخر .
-
صحيح
أنه
قيل
إن اهتمام ( فؤاد ) بتلك
المؤسسات كان لإلهاء
المصريين عن الجوانب
السياسية ،
وللتأكيد
للمصريين أن حكمه
الانفرادي وسيطرته على
شئون الحكم لها بعض
المزايا ، إلا
أن
إنجازاته في هذين
المجالين تحسب له مهما
كانت نواياه .
-
كما
يعد هذا الكتاب دراسة
موضوعية غير مسبوقة عن
الملك فؤاد الأول ، وقد
كتبه
مؤلفه
بأسلوب سلس جذاب بحيث
يناسب القارئ العادى
والدارس المختص على وجه
السواء
ويكشف
العديد من خبايا عهد الملك
فؤاد .
-
فقد
تناول
الكتاب
ما يُعتبر ازدواجية في
شخصية الملك المصري فؤاد
الأول ، فبعضهم يصنفه في
خانة
الحكام
المستبدين ، وبعضهم الآخر
يصفه بالاصلاحي ، ويسعى
المؤلف إلى إلقاء الضوء
على
كلتا
الفكرتين ، ففي أعقاب
إعلان الاستقلال وقيام
المملكة الدستورية في مصر
، بانت
معالم
الاستبداد لدى الملك فؤاد
بعدما اختار لجنة لوضع
بنود الدستور خوفاً من
سيطرة
الوفديين
على الجمعية العامة ، ثم
تدخل لإضافة مواد تعزز
سلطاته الاوتوقراطية ،
حاذفاً
النص الذي يقرّ بأن الأمة
مصدر السلطات ، كذلك
استحوذ على حق إصدار
المراسيم التي لها قوة
القانون حتى في أثناء
انعقاد البرلمان .
-
ومع
ذلك
، ثمة جوانب مضيئة في حياة
الملك ، ففي عهده ، انشئ
بنك مصر الوطني ، وأنشئت
شركة
مصرللطيران
، وبنك التسليف الزراعي
لمساعدة الفلاحين ، كما
ازدادت المدارس العليا
حتى
بلغت
سبعاً ، وفي العام 1932 ، وقع
الملك فؤاد مرسوماً
بانشاء مجمع اللغة
العربية ،
وفي
العام 1934 بدأ البث الإذاعي
، وشجع الفنون والتمثيل
والموسيقى
.
-
ويرى
المؤلف ان هذه الازدواجية
لم تكن حكراً على
فؤاد
الأول ، بل شكلت حالة
لازمت الحكام من أسرة محمد
علي ، فقد أكسبهم تعليمهم
الأوروبي
رغبة في أن تكون مصر شبيهة
بالمجتمعات الأوروبية ،
ومع ذلك حافظوا على
سياساتهم
الاستبدادية على الرغم من
نزعاتهم الاصلاحية .