وحين
قرر الملك العودة كانت
هناك أزمة وزارية
تنتظره في القاهرة ،
وأزمة أكبر معه علي
اليخت اسمها "
كاميليا " ، لكنه
تجاهل الأزمتين معا ،
الأزمة الوزارية
وكاميليا التي هجرها
عاما كاملا ! ، وعندما
شعر بحنين لها طلبها
علي الهاتف ، وحضرت
إليه في قصر عابدين ،
كان يحدثها وهي شاردة ،
ولم يفهم سر شرودها إلا
عندما غادر الحجرة
تاركا مائدة الطعام
العامرة التي كان قد
انتهي منها قبل وصولها
مباشرة ، وانقضت "
كاميليا " علي بقايا
الطعام ، وعاد الملك
إلي الحجرة ليراها ،
ويعرف أنها تعيش علي
" الفول " ، وأنها
بلا عمل ولا مال منذ
هجرها ، وشبعت "
كاميليا " لتثرثر
مرة أخري عن علاقتها
بالملك ، وتنتشر
الفضيحة ، فيهجرها
فاروق ، ثم يستدعيها
ليسألها عن علاقتها
بمصور خطبت له ،
ويتهمها بالحماقة
لأنها تفضل الزواج من
رجل تافه علي أن تكون
خليلة للملك ، وعادت
" المياه إلي
مجاريها " بينما
كانت حرب فلسطين بين
العرب وقائدهم الملك
فاروق ملك مصر
والسودان واليهود ،
الذين شاع أن "
كاميليا " جاسوسة
لهم ، وقيل إنها "
إستر" الجديدة ،
تقدم نفسها كنظيرتها
البعيدة للملك حتي
يرضي عن قومها ، وحين
وصل الأمر إلي اتهام
صريح ومساع من السلطات
المصرية للقبض علي
كاميليا ، قام فاروق
بطرد أحد وزرائه من
شاليه مملوك له للوزير
في الإسكندرية لتختبئ
فيه خليلته اليهودية
المتهمة بالجاسوسية
لصالح الصهاينة ، فيما
كان الجيش المصري يخوض
الحرب ضد الصهاينة
ويلقي الهزيمة علي أرض
فلسطين عام 1948 ! .
ولم
يجد رئيس الوزراء "
النقراشي " بدا من
مواجهة الملك بحقيقة
ما تهتف به الجماهير
ضده في كل مكان ، بل
بحقيقة ما سمعه الملك
بأذنه من شعبه الغاضب
وهو يغادر سينما "
مترو " ، قال "
النقراشي " للملك :
لقد نما إلي علمي أن
عددا من النساء اللاتي
تلتقي بهن جاسوسات ،
وأن اليهود يحصلون علي
معلومات منهن ، كما
علمت أن هناك علاقة حب
بينك وبين فتاة يهودية
. وأنكر الملك ، ادعي أن
علاقته ب" الفتاة
اليهودية " انتهت ،
وقال إنه يلعب القمار
مع اليهود ليأخذ
أموالهم ، كان كلاما
فارغا ، لم يؤد إلي
نتيجة .
وبعد
الانسحاب المهين
للقوات المصرية من
فلسطين طبقا لهدنة "
رودس " 24 من فبراير
1949 ، وطلاق فاروق
للملكة المحبوبة من
الشعب " فريدة "
بناء علي طلبها ، وزواج
الأميرة " فاطمة
طوسون " التي كان "
فاروق " يضعها علي
لائحته ويخطط للزواج
منها من الأمير
البرازيلي " دوم
جوان " وصل فاروق إلي
حافة الانهيار ، لكن
لاحظ أولا أن الأميرة
فاطمة سليلة أسرة "
محمد علي " تزوجت
رجلا مسيحيا ، ورتبت
للأمر بالسفر إلي
أوروبا ، وحين علم "
فاروق " بالأمر
واتصل بها وقد جن جنونه
ليغريها بأنها ستكون
" ملكة مصر "
ويهددها بأنه سيجردها
من لقبها وأملاكها ، لم
تبال بوعده ولا بوعيده
، كانت صماء تماما ،
ومصممة علي إتمام
زيجتها ، وقد كان ! .
وفي
نهاية صيف 1950 قرر فاروق
أن يسافر إلي ديوفيل
بفرنسا ليلتقي سرا
بجاسوسته الحسناء "
كاميليا " ، ومن
الإسكندرية سافر فاروق
إلي " مارسيليا "
التي لم تكن قد تعافت
بعد من آثار الحرب
العالمية الثانية ،
فكان طبيعيا أن تتصدر
أخبار إسرافه المستفزة
الصفحات الأولي ، وفي
ديوفيل خسر في انتظار
كاميليا 55 ألف جنيه
مصري ( نحو مليوني جنيه
بعملتنا الحالية ) علي
مائدة القمار في ليلة
واحدة ، وحسب الترتيب
المتفق عليه كان علي
" كاميليا " أن
تسافر إلي سويسرا
بالطائرة ، وتستقل
سيارة فاروق الخاصة
التي أرسلها بسائقها
من " جنيف " إلي
" ديوفيل " ، وفي
اليوم المحدد للوصول
اتصل سكرتير "
مولانا الملك فاروق
المعظم ملك مصر
والسودان " بمليكه
ليخبره أن الطائرة
التي أقلعت بكاميليا
لم تغادر مصر ، فقد
سقطت وتحطمت بالقرب من
القاهرة ، ومعها
احترقت " كاميليا
" ، ومات كل ركابها ،
وكانوا 55 راكبا .
وهكذا
انتهت مغامرة اليهودية
الطموح ، الجاسوسة
الحسناء ، نجمة
الإغراء ، ليليان
كوهين ، خليلة الملك
المعروفة باسم الممثلة
" كاميليا " ،
انتهت المغامرة وأصبحت
صاحبتها ربما ذكري غير
طيبة ، ربما تنهد
الكثيرون ارتياحا ،
وربما كانت "
دومينيك فرانس بيكار
" قد حاولت أن تنجح
فيما لم تنجح فيه "
ليليان " ، وحين
اكتشفت أن الأمير
السابق ، والملك تحت
الوصاية السابق أيضا
الذي تزوجته لن يصبح
ملكا أبدا ، وأن "
السادات " رحل في
حادث المنصة الشهير من
دون أن يكرر مشروع "
فرانكو " ، وبالتالي
فإن " أحمد فؤاد "
لن يصبح " خوان
كارلوس " فضلت
الانسحاب متخلية عن
بيتها ، وزوجها ،
وأبنائها الثلاثة ،
قبل أن يقع بينهما
الطلاق بعد ذلك في
ولاية الرئيس "
مبارك " وتعود إلي
ديانتها الأولي كما
تردد .
هذا
من جانبها ، أما جانب
" أميرنا المحبوب
" أحمد فؤاد فيبقي
ملفوفا بالغموض الخالص
، وليس هناك ما يفسر
اختياره ل" دومينيك
" لتصبح " فضيلة
" من بين كل نساء
أوروبا العرب والعجم .
ومازلنا
نحاول إجابة السؤال عن
علاقة أسرة " محمد
علي " بالمسيحية ،
ولدينا الكثير مما
تخفيه أوراق النشأة
التي لا يعرفها أحد
لرأس العائلة ، الباشا
الكبير ، القادم من
بلاد الألبان ولكنه
ليس ألبانيا ، لدينا
الكثير مما تخفيه
أوراق " محمد علي "
وأوراق أبنائه ،
فانتظرون .
|