من
مذكرات كريم ثابت
الملك
فاروق يعترف : صفعت احمد حسنين
على وجهه
من
هو كريم ثابت ؟ في البداية يقول
تاريخه إنه كان صحفيا عاديا ،
وفجأة أصبح المستشار الصحفي
للملك فاروق في الفترة من 1942 إلي
1952 ، وشهد علي سقوط الملك ، بل
وراح ضحية موقعه من الملك إذ قبض
علية الضباط الأحرار وعاش أسير
السجون فترة طويلة ، وهي الفترة
التي استغلها في كتابة مذكراته
وحياته في القصر الملكي بعد أن
تحولت مصر إلي جمهورية ،
وبالرغم أن مذكرات كريم ثابت لم
تنشر في حينها ، وإنما في نهاية
التسعينيات من القرن الماضي
وبداية الألفية الجديدة ، إلا
أنها قد أثارت جدلا واسعا نظرا
لتشكيك البعض ممن عاصروا
الأحداث ذاتها في محتواها ، وقد
صدرت عن دار الشروق عام 2000 ،
وفيها يقول كريم ثابت :
أتاح
لي السجن متسعاً من الوقت
للشروع في كتابة مذكراتي ، وقد
رأيت أن أبدأها بذكريات عن
السنوات العشر التي لازمت فيها
الملك فاروق ، أي من سنة 1942 إلى
سنة 1952، وعلى هذا فإن كريم ثابت
المستشار الصحفي للملك فاروق
يكتب أسرار عشر سنوات ولا يكتب
ذكريات خاصة ، وقد أنطلق من
كتابة هذه المذكرات بواعز من
الأمانة التاريخية ، يقول : من
حق التاريخ عليّ ، وقد كنت في
مركز يمكنني من الإحاطة بأسرار
السياسة المصرية في تلك السنوات
العشر ألا أطوي نفسي عليها ،
والأعمار بيد الله .
وعن
الأحداث غير المعروفة للناس
يحدثنا كريم ثابت سارداً أهم ما
كان بينه وبين فاروق سراً وبين
أفراد القصر القليلين موضحاً
كيف كانت تسير الحياة السياسية
داخل القصر ، فيقول : قد كلف
فاروق مصطفى النحاس تأليف
الوزارة ، فأعطى النحاس حسين
سري ـ وكان قد عين رئيساً
للديوان الملكي ـ قائمة بأسماء
الذين يرشحهم لأن يكونوا وزراء
معه ، وجلس فاروق إلى مكتبه في
قصر القبة يصغى إلى حسين سري وهو
يتلو عليه تلك الأسماء ، ولما
وصل رئيس الديوان إلى اسم
إبراهيم فرج المرشح وزيراً
للشئون البلدية والقروية ، قال
فاروق : من هو إبراهيم فرج ؟ فقال
حسين سري : إني لا أعرف عنه شيئاً
يا أفندم . فسأل حسن يوسف وكيل
الديوان فأجاب بأنه هو كذلك لا
يعرف عنه شيئاً ، فالتفت إليّ
وقال : وأنت هل تعرف عنه شيئاً ؟
فقلت له : إن إبراهيم فرج من
سمنود يا أفندم ، وترجع علاقته
بالنحاس إلى أكثر من ثلاثين سنة
مضت ، ولما نفى النحاس إلى "سيشل"
مع سعد باشا كان إبراهيم فرج لا
يزال طالباً بمدرسة الحقوق ،
فأخذ يتردد على بيت النحاس
ويساعد عائلته في كل ما تحتاج من
مهام ، فلما عاد النحاس من
المنفى قدر إخلاصه ووفاءه ،
فلازمه إبراهيم فرج من ذلك
الحين . ثم
حدثته عن جهاده في الحركة
الوطنية ، وعن الوظائف التي
تقلدها في الحكومة ، وكيف فصل من
خدمتها في كل مرة ترك فيها
النحاس الوزارة .
ووافق
فاروق على اسمه وهو يقول مازحاً
: يكفي لقبوله أن يكون من سمنود ،
ولأجل عين تكرم ألف .
ويركز
كريم ثابت في كتابة هذه
المذكرات على أخلاق وطباع فاروق
والتي كانت مثار جدل ونقاش
الكثيرين ، فيقول : لاحظت في أول
معرفتي له أنه كثير الشك ، وأنه
يستخرج أحياناً من الأحاديث
التي يسمعها أموراً لم يعنها
المتحدث إطلاقاً ، فعلمني ذلك
ألا أجرى لساني أمامه بقصة أو
برواية ، قبل أن أقلبها على جميع
وجوهها ، وأفكر ملياً في جميع
عواقبها ، ومن ذلك أنني حدثته في
اجتماعنا الثاني عن المضايقات
التي يعانيها الجمهور من
التدابير التي يتخذها البوليس
عند خروجه من القصر في موكب رسمي
، وصارحته بأن الناس يعزون إليه
الأوامر التي تسبب لهم تلك
المضايقات مع أنني واثق من أنه
ليس على علم بها ، ورأيت في تلك
المناسبة أن أعزز كلامي بقصة
حادث حدث لوالده ، فقلت إنه لما
زار الملك فؤاد ألمانيا رسمياً
، أقام له وزير مصر المفوض في
برلين حفلة استقبال رسمية في
دار السفارة المصرية ، ودعا
إليها رجال السلك السياسي
وجمهوراً من كبار الألمان ،
ليتيح لهم فرصة معرفته والتحدث
معه ، وخصص داخل الدار لرجال
السلك السياسي ، وقف في أحد
أركان بهو الدار مستدبراً
الجانب الأكبر منه ، ليستطيع
القادمون من الحديقة أن يجتازوه
في طريقهم إلى باب الدار بدون أن
يسلموا عليه مرة أخرى ، ولما ظن
أنهم انصرفوا جميعاً غيّر وقفته
، والتفت إلى الباب القائم بين
البهو وسلم الحديقة فهاله ما
رأى ! رأى الأميرالاي محمد حسين
" ، وهو الذي أصبح فيما بعد
محمد حسين باشا ، وكان محافظاً
للإسكندرية " ، واقفاً في وسط
الباب وباسطاً يديه على جانبيه
ليمنع القادمين من الحديقة من
اجتياز البهو " لأن جلالة
الملك لم ينسحب بعد " فاحمر
وجهه غضباً وأمر بفتح الطريق
لهم في الحال ، وقال بالعربية:
" هم يعملوا الغلط ، والملك
يتحمل النتيجة .. مسكين الملك !
" .
وتوقعت
في نهاية حديثي أن يقول فاروق
إنه سيأمر بإعادة النظر في
تدابير البوليس في المناسبات
التي أشرت إليها وخصوصاً بعد
سماعه قصة الحادث الذي حدث
لوالده في برلين، فإذا هو يقول
لي : " يظهر أنك لا تحب محمد
حسين " .
فقلت
: إني لم أتصل به منذ تلك الأيام
يا أفندم ، والواقع أنني كنت
أحبه ، ولم يكن غرضي من هذه
القصة سوى أن أحدث جلالتك عن
الحادث الذي تنصب عليه لمغزاه ،
أما اسم محمد حسين فلم يأت إلا
عرضاً .
فقال
: على كل حال هذه هي النتيجة التي
خرجت بها أنا ! .
ومن
تلك الساعة تعلمت ألا أحدثه عن
أحد إلا بعدما أحسب حساب جميع
التأويلات المحتملة وغير
المحتملة .
ويواصل
ثابت كلامه عن أخلاق وطباع
الملك فاروق ، فيقول : إنه كان
شغوفاً بإحاطة أعماله وتصرفاته
بجو من السرية والكتمان ، مع أن
أغلبها كان معروفاً للمحيطين به
مما كان هو نفسه يفضي عنها إلى
كل واحد منهم على حدة ، ولكنه
كان يهتم اهتماماً شديداً بأن
يلتزم رجاله الصمت بشأنها حتى
عندما يكون " السر "
متعلقاً بأمور تافهة لا تستحق
التفاتاً . ولذا فإنه كان إذا
دعا بعض خلصائه إلى لقائه بعد
قليل في مكان ما تعمدوا أن
يذهبوا إليه متفرقين ، لأنه لو
ذهب أحد منهم بصحبة آخر لكان في
ذلك دليل على أن أحدهما اتصل
بالآخر تليفونياً وكلمه في
موضوع الدعوة . وكثيراً ما كان
يمتحن مساعديه والمحيطين به ،
ليعلم هل يتبادلون الأخبار عما
يجري بينه وبينهم ، أو هل
يتناقلون الأحاديث التي تدور
بينه وبينهم ، فإذا تبين له أن
كل واحد يخفي ما عنده على
الآخرين ارتاح إلى ذلك ارتياحاً
عظيماً .
وكان
يزدري كل من يبدي لهفة لمعرفته
ومحادثته ومجالسته ، أما من
يبدي تحفظاً وقلة اكتراث فكانت
قيمته تعلو في نظره ، بشرط ألا
يداخله شك في أنه مسلك مصطنع ،
وإلا أعرض عنه إعراضه عن
المتلهف المستعد لأن يقبل الأرض
التي يسير عليها .
أما
عن عروبة الملك فاروق وموقفه من
السياسة العربية ، فيقول كريم
ثابت : كنت في ذلك الحين أعتقد
اعتقاداً صادقاً أن الجامعة
العربية لن يكتب لها إطراد
التقدم والنمو والرسوخ في مصر
إلا إذا راعى الجالس على العرش
فكرتها وتعهد أغراضها ، وكذلك
كنت أعتقد أن الشئون العربية لن
تتبوأ المقام الذي هي جديرة به
في سياسة الحكومة المصرية
بكيفية عملية دائمة ، إلا إذا
تبنى الملك هذا الاتجاه ، فيكفل
له التنفيذ من جهة والاستمرار
من جهة أخرى . ففي كل مناسبة كانت
تسنح لي كنت أحدث فاروق عن
الفوائد المتعددة التي تجنيها
مصر ، وسائر البلدان العربية ،
إذا خطت مصر خطوات عملية في طريق
تحقيق أغراض الجامعة العربية ،
ولما ظهر لي أنه بدأ يأنس هذا
الحديث ، ويبدي اهتماماً بتتبع
ما أذكره له ، رأيت أن أخطو خطوة
جديدة في خضه على العمل ،
فاستفززته يوماً ، فنجحت الخطة
، وكان نجاحها بداية مرحلة
جديدة في تاريخ السياسة العربية
.
قد
كنت أعرف يومئذٍ كرهه لمصطفى
النحاس ونقمته عليه ، وكان
النحاس قد أمضى بروتوكول
الجامعة العربية المعروف
ببروتوكول الإسكندرية ، وأمضاه
معه السيد نوري السعيد ، وكان
رئيساً للوزراء العراقية ـ ففي
اليوم الذي رأيت الفرصة ملائمة
لاستفزازه قلت له : لا شك أن
النحاس اكتسب مقاماً جديداً في
البلدان العربية بسياسة
الجامعة العربية وإمضاء
بروتوكول الإسكندرية ، فلماذا
لا تنتزع هذه المكانة منه بتبني
سياسة الجامعة العربية ، فيعزي
إليك كل فضل في المستقبل ، وتصبح
جلالتك زعيم هذه الحركة في نظر
العرب جميعاً ، فأطرق مفكراَ ،
فأيقنت أن كلامي يشق طريقه إلى
قلبه .
وكانت
وزارة النحاس قد أقيلت في تلك
الأثناء ، وتألفت وزارة أحمد
ماهر ، فشجعه فوزه في التخلص من
النحاس على البحث عن فوز جديد ،
فلم يعد يفكر إلا في الاجتماع
بالملك عبد العزيز " ليضرب
الضربة " التي تعزز مقامه في
البلدان العربية ، بعدما نجح في
توطيد نفوذه في مصر . وفي غمرة
ابتهاجه بما آل إليه الموقف
السياسي في داخل مصر ، قرر أن
يجتمع بالملك عبد العزيز في
المكان الذي يختاره جلالته
ويريحه . واقترح الملك عبد
العزيز " شرم ينبع " على
مقربة من ميناء " ينبع "
بالحجاز مكاناً للاجتماع ،
فوافق فاروق عليه ، وسمى
الاجتماع بعد ذلك " اجتماع
رضوى " نسبة إلى جبال رضوى
المشهورة عند العرب .
وعن
علاقته بالإنجليز يقول ثابت :
عاش فاروق بعد حادث 4 فبراير 1942
في خوف مستمر من لورد كيلرن ،
وازداد خوفاً منه بعد انكسار
" المحور" في معركة العلمين
الحاسمة ، ظل الريب يساوره في
نياته نحوه حتى آخر يوم له في
مصر ، وكان هذا الريب يبلغ
أحياناً درجة القلق ، وكان
يجاوز القلق أحياناً أخرى .
وفي
وفاة أحمد حسنين باشا رئيس
ديوانه يقول ثابت : لاحظت أنه لا
يتحسر على رائده ولا يذكره
بعبارة واحدة تنم على حزنه ،
وبينما كنت أتوقع أن أسمع منه
كلمة في رثائه ، قال : " تركنا
واحنا في عز الشغل " ، وبعد
قليل أنعم عل اسمه بالوشاح
الأكبر من نشان محمد علي ، وفسر
الناس هذا التكريم لرئيس ديوانه
بعد وفاته تحية لإخلاصه
وتقديراً لخدماته ، أما هو فقال
: لكي يتمكنوا من تشييع جنازته
عسكرياً ، وخيل إليّ ساعتئذٍ أن
الملك يكرم ذكرى رائده ورئيس
ديوانه لكي يثني الناس على
وفاته ، أما فاروق الرجل فلم
يذرف عليه دمعة واحدة .
كان
نبأ مصرع حسنين قد ذاع في
العاصمة ، فلما رآنا الذين
كانوا يتعشون في "الأوبرج"
في تلك الليلة لم يصدقوا أعينهم
، وقرأت في نظراتهم سؤالاً كنت
أول الحائرين في الإجابة عنه ،
وماذا كان في وسعي أن أقول في
تبرير ، أوتفسير ، ذهاب الملك
على مكان عام تعزف فيه الموسيقى
ويدور الرقص ، بينما رائده
ورئيس ديوانه مسجى على فراش
الموت ، ولعل الشعور الذي
استولى عليّ في تلك الساعة كان
في ضمن العوامل التي زادتني
عزوفاً عن المنصب الذي كان يريد
تقليدي إياه في القصر .
وعلى
أنغام الموسيقى جلس فاروق
يحدثني عن مأساة أخرى من مآسي
القصر ، واستهل حديثه بقوله : لا
بد أن هناك " مأتماً " آخر
الليلة في " الدقي " ، وكانت
الملكة السابقة نازلي منذ
خلافها معه تقيم في الدار التي
كانت لوالدها في حي الدقي . ولم
أعقب على عبارته . وكأنما خشي
ألا أكون قد أدركت معنى إشارته
فقال : إني أتكلم عن الوالدة ! ثم
قال : من حسن الحظ أن كل شيء قد
انتهى الآن . وللمرة الأولى منذ
نشوء معرفتنا لم أجد كلمة واحدة
أقولها ، وماذا كان يمكنني أن
أقول في هذا الموقف ؟ وتركته
يتكلم ، فتكلم وتكلم طويلاً .
وكان
مما قاله إن أمه دخلت عليه يوماً
ومعها حسنين ، وقالت له باسمة
إنهما يستأذناه في عقد زواجهما
" فطار عقلي وهجمت على حسنين
وصفعته على وجهه بكل قوتي ، ثم
طردتهما من حجرتي وأنا ألعنهما
شر لعنة ". وفي مرة أخرى لم
يستطع تحمل : " ما يجري تحت سقف
القصر الذي مات فيه والدي ،
فأصدرت أمري إلى الخدم بأن
يلقوا بفرش حجرة حسنين في حديقة
القصر " .
وبعدما
ذكرني بظروف طلاق حسنين من "
زوجته الشرعية بعدما ذاقت المر
من علاقته بأمي " قال : "
ولذلك كان أول ما عملته اليوم
بعد وفاته أن جمعت أوراقه
الخصوصية بنفسي خوفاً من أن
تكون فيها شيء يتصل بهذه
الفضيحة ، فيقع في يد غريبة " .
وقيل
إنه عثر بين تلك الأوراق على عقد
" زواج عرفي " بين حسنين
ونازلي ، ولكنه لم يطلعني عليه
على كل حال . وأردت أن أسأله :
وكيف احتفظت به في قصرك ، ولماذا
أبقيت عليه ؟ بل أردت أن أسأله
أكثر من سؤال واحد ، ولكن كيف
أسأله ؟ ألم يكن يكفيني الحرج
الذي كنت به وأنا أصغي إلى ما
كان يقصه عليّ ؟
ثم
إذا هو يطرق من تلقاء نفسه موضوع
السؤال الأول من غير أن أسأله
إياه فيقول : ولكني كنت مضطراً
إلى الاحتفاظ بحسنين ، كان يعرف
طبيعتي وأخلاقي ، وكان يعرف
سياستي وأسراري ، وكان يعرف
دخائلي وشئوني الخاصة ، وكنت في
البداية محتاجاً إليه في عملي ،
ثم لم أعد في حاجة إليه ، ولكني
كنت قد اعتدت العمل معه ، وكان
يريحني ، فظل في خدمتي بقوة
الاستمرار ولاسيما أنه كان في
عمله مطيعاً ومؤدباً .
وعاد
فكرر معاني هذا الجزء من حديثه
بعبارات أخرى ، وألفاظ أخرى ،
وختمه هذه المرة بقوله : وقد كنت
أنا في الواقع الرئيس الفعلي
للديوان ، ولذلك لن أستعجل
وأعين رئيساً جديداً للديوان
الآن . ولما أنهى حديثه انصرفنا
من " الأوبرج " حتى إذا
أشرفنا على كبري الجلاء اتجه
إلى اليسار ، وبعد دقيقة واحدة
كنا أمام دار حسنين .
فقد
أراد فاروق " الملك " أن
يراجع بنفسه نظام جنازة رائده
ورئيس ديوانه ، وعرفت الصحف ما
جرى في دار الفقيد ، ولم تعرف ما
جرى في " أوبرج الأهرام " .
ونام
فاروق في تلك الليلة وهو يعتقد
أن انتهاء علاقة أمه بحسنين
تعوضه عما خسر بوفاة رائده
ورئيس ديوانه ، فإذا نازلي بعد
وفاة حسنين تسافر إلى أوروبا
ومن أوروبا إلى أمريكا . وإذا
فاروق يقول يوماً لنجيب سالم
" ناظر الخاصة الملكية "
وحسن يوسف " رئيس الديوان
الملكي بالنيابة " وكاتب هذه
السطور : " لو رأيت أمي الآن
لضربتها بالرصاص " .
وبعد
وفاة حسنين بأكثر من سنتين كنت
والدكتور يوسف رشاد بصحبة فاروق
في سيارته الخاصة ، ولما بلغنا
ميدان كبري الجلاء ، شاهدنا
تمثال المرحوم أحمد ماهر باشا ،
وكان قد نصب في ذلك المكان من
يومين ، ولم يزح عنه الستار بعد
، وسألنا فاروق قائلاً : تمثال
من هذا ؟ فقال يوسف رشاد : إما
أحمد ماهر يا أفندم أو أحمد
حسنين . وكان بعضهم قد اقترح
يومئذٍ في الصحف إقامة تمثال
لأحمد حسنين ، فقال فاروق
موجهاً إليّ الكلام : إذا كان
هذا التمثال لأحمد حسنين فاعمل
ترتيبك لإزالته في الحال . ولما
قلت له إنه تمثال أحمد ماهر ،
قال : في هذه الحالة يبقى .
|