الملك فؤاد وجنية ادريس افندى

 

كان إدريس الاقصري يعمل في معية الامير فؤاد ( السلطان فؤاد فيما بعد ثم الملك ) وقال له ذات يوم ( أبشر لقد حلمت  بأنك ستكون ملك مصر وستلبس التاج وتجلس على العرش ) .

هنا نهض الامير فؤاد وضحك ووعد إدريس خيرا أن تحقق حلمه وكان حلما بعيد المنال وكان الانجليز وراء الكواليس يبحثون عمن يولونه عرش مصر ويدير دفة الحكم لصالحهم ووجدوا في فؤاد ضالتهم فهو الوحيد من وجه نظرهم الذي يمكن أن يخدم إمبراطوريتهم ويحركونه كما يشاءون ، فنصبوه سلطانا على مصر ثم ملكا عليها وجعلوا الملك وراثيا في أسرته .

وتحقق حلم إدريس أفندي الاقصرى ، وكافأه الملك فؤاد أعظم مكافأة حيث وضع صورته على أول جنيه مصري من العملة الورقية يطبع باسم المملكة ، والذي عرف بجنيه إدريس أفندي وهو من أندر العملات في مصر والعالم وزيادة على ذلك التخليد منحه لقب الباكوية وأصبح إدريس بك .

القصة مروية بطريقة اخرى :

أسمه إدريس و وضع على الجنيه المصرى لأغرب سبب يمكن أن يخطر على بال ، فهو لم يكن ملكا أو قائدا عسكريا أو أميرا أو وزيرا ، بل كان إدريس فلاحا مصريا بسيطا ربما حتى لا يعرف القراءة و لا الكتابة  ، بدأت حكاية العم إدريس مع الجنيه فى إحدى الحفلات التى كان يقيمها أحد علية القوم فى مصر والذى أحضر إدريس للحفل ليس كمدعو بل ( كنمرة ) لتسلية الحاضرين ،
حيث كان يقوم بقراء أكفة الحاضرين و يحاول إخبارهم عن حاضرهم و ماضيهم ، وفى الحفل تقابل مع أحد أمراء الأسرة العلوية و قراء له كفه و أخبره بأن طالعه ينبأ أنه سيكون ملكا على مصر و السودان ، فسر الأمير جدا و أستبشر بقارئ الكف العجوز و أخبره و هو يضحك بأنه إذا حكم مصر ( أى الأمير ) سيضع صورة الفلاح إدريس على الجنيه .

بقى أن نعرف أن هذا الأمير هو الملك فؤاد ملك مصر والسودان !!! .

حيث تحققت نبؤة إدريس ولم ينساه الملك و وفى بوعده له و وضع صورته على الجنية وهو أغرب سبب و ضعت صورة إنسان بسببه على عملة فى أى مكان فى العالم .

ولتصبح العملة التى وضع عليها وجه إدريس قارئ الكف و التى سميت ( جنيه الفلاح ) ، أندر و أغلى عملة مصرية فثمنها يساوى عشرات الألوف من الجنيهات ، وهى حلم لكل هواة جمع العملات القديمة .

رواية ثالثة :

جنيه ادريس من اشهر الإصدارات للجنيه المصرى و لصاحب هذا الوجه على الجنيه روايات عديده أشهرها أن صاحب هذا الوجه كان ( البستانى ) بقصر السلطان فؤاد و ذات ليله وهو نائم رأى رؤيه وهى أن السلطان فؤاد سيصبح ملكا على مصر ، وفى الصباح قص هذه الرؤيه على السلطان فؤاد الذى وعده بوضع صورته على الجنيه إذا تحققت رؤيته ، وقد كان .  

رواية رابعة :

حينما‏ ‏صدر‏ ‏المرسوم‏ ‏الملكي‏ ‏باعتماد‏ ‏الجنيه‏ ‏المصري‏ ‏في‏ ‏يوم‏ 4 ‏يوليو 1924 ، ‏تساءل‏ ‏كثيرون‏ ‏من‏ ‏أبناء‏ ‏الشعب‏ ‏المصري‏ ‏عن‏ ‏الصورة‏ ‏التي‏ ‏طبعت‏ ‏عليه‏ ‏، فلم‏ ‏تكن‏ ‏صورة‏ ‏السلطان‏ ‏العثماني‏ ‏الذي‏ ‏كانت‏ ‏مصر‏ ‏تحت‏ ‏لوائه‏ ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏ضعف‏ ‏حكمه‏ ‏وقلت‏ ‏هيبته‏ ‏خاصة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏وضعت‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الأولي‏ ‏أوزارها‏ ، فقد‏ ‏أصبح‏ ‏هو‏ ‏ودولته‏ ‏علي‏ ‏وشك‏ ‏الانهيار‏ ، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏أيضا‏ ‏صورة‏ ‏لأحد‏ ‏الزعماء‏ ‏الأبرار‏ ‏كالزعيم‏ ‏مصطفي‏ ‏كامل‏ ‏الذي‏ ‏ظل‏ ‏طيلة‏ ‏حياته‏ ‏حتي‏ ‏وافته‏ ‏المنية‏ ‏في‏ ‏سن‏ ‏صغيرة‏ ‏ينشد‏ ‏باسم‏ ‏مصر‏ ‏وباستقلالها‏ ، ‏أو‏ ‏صورة‏ ‏الزعيم‏ ‏الخالد‏ ‏الذي‏ ‏التف‏ ‏إليه‏ ‏جموع‏ ‏المصريين‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏مكان‏ ‏ينادون‏ ‏باسمه ( سعد‏ ‏زغلول ) ، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏حتي‏ ‏صورة‏ ‏ملك‏ ‏البلاد‏ ‏فؤاد‏ ‏الأول‏ ‏ذلك‏ ‏الملك‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏قاسيا‏ ‏وساذجا‏ ‏وإنما‏
‏كانت‏ ‏الصورة‏ ‏لرجل‏ ‏فلاح‏ ‏مصري‏ ‏يحمل‏ ‏سمرة‏ ‏الجنوب‏ ,‏ ولحيته‏ ‏البيضاء‏ ‏المتناثر‏ ‏فيها‏ ‏السواد‏ ‏تغطي‏ ‏الجزء‏ ‏الأكبر‏ ‏من‏ ‏وجهه‏ ‏وتغطي‏ ‏التجاعيد‏ ‏الجزء‏ ‏المتبقي‏ ‏وعلي‏ ‏رأسه‏ ‏عمامة‏ ‏بيضاء‏ ‏وفي‏ ‏عينيه‏ ‏نظرة‏ ‏رضا‏ ‏وسكينة‏ ‏وعلي‏ ‏كتفه‏ ‏عباءة‏ ‏بسيطة‏ ، ‏وهذا‏ ‏ماجعل‏ ‏الناس‏ ‏يتساءلون‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏الشخص‏ ‏من‏ ‏يكون‏ ‏ولما‏ ‏وضعت‏ ‏صورته‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏العملة‏ ‏التي‏ ‏طالما‏ ‏يوضع‏ ‏عليها‏ ‏صور‏ ‏الملوك‏ ‏والسلاطين‏ .

الجواب‏ ‏لتلك‏ ‏التساؤلات‏ ‏كان‏ ‏في‏ ‏ميناء‏ ‏إيطاليا‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏السفينة‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏تحمل‏ ‏في‏ ‏داخلها‏ ‏ذلك‏ ‏الأمير‏ ‏المديون‏ ‏المسرف‏ ‏الساذج‏ ‏فؤاد‏ ‏والذي‏ ‏كان‏ ‏مسافرا‏ ‏في‏ ‏أدني‏ ‏درجة‏ ‏بها‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏فقد‏ ‏كل‏ ‏مايملك‏ ‏وأفلت‏ ‏من‏ ‏ديون‏ ‏القمار‏ ‏وبجانبه‏ ‏ذلك‏ ‏الرجل‏ ‏الطيب‏ ‏الخادم‏ ‏له‏ ‏منذ‏ ‏عشرين‏ ‏عاما‏ ‏والذي‏ ‏يرحل‏ ‏معه‏ ‏ويذهب‏ ‏معه‏ ‏أينما‏ ‏ذهب‏ ‏إنه‏
‏إدريس‏ ‏الأقصري الذي‏ ‏قام‏ ‏من‏ ‏نومه‏ ‏علي‏ ‏حلم‏ ‏جميل‏ ‏أراد‏ ‏أن‏ ‏يقصه‏ ‏علي‏ ‏مولاه‏ ‏الأمير‏ ,‏ لكن‏ ‏الأمير‏ ‏المديون‏ ‏لايهمه‏ ‏حلم‏ ‏خادمه‏ ‏فهو‏ ‏دائما‏ ‏مهموم‏ ‏لا‏ ‏طاقة‏ ‏له‏ ‏بسماع‏ ‏حلم‏ ‏ساذج‏ ‏من‏ ‏خادم‏ ‏ثرثار ، ‏ولكن‏ ‏أصر‏ ‏إدريس‏ ‏أن‏ ‏يقصه‏ ‏علي أفندينا ، وقال‏ ‏له ‏:

‏لقد‏ ‏حملت‏ ‏أنك‏ ‏أصبحت‏ ‏ملك ، ‏مصر‏ ‏وفجأة‏ ‏غير‏ ‏فؤاد‏ ‏نظره‏ ‏إلي‏ ‏خادمه‏ ‏وتلك‏  الكلمات‏ ‏المستحيلة ، ‏وفي‏ ‏ذهنه‏ ‏صورة‏ ‏السلطان‏ ‏المريض‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏ولكنه‏ ‏تراجع‏ عن‏ ‏ذلك‏ ‏بابتسامة‏ ‏ساذجة‏ ، فقد‏ ‏تذكر‏ ‏أن‏ ‏للسلطان‏ ‏وريثا‏ ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏يوجد‏ ‏في‏ ‏أسرة‏ ‏محمد‏ ‏علي‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏أولي‏ ‏منه‏ ‏، فهو‏ ‏بعيد‏ ‏كل‏ ‏البعد‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏عاجز‏ ‏عن‏ ‏حكم‏ ‏بلد‏ ‏لايعرف‏ ‏فيها‏ ‏أي‏ ‏شيء‏ ‏حتي‏ ‏أنه‏ ‏لايستطيع‏ ‏النطق‏ ‏بلغته‏ ‏، واستمر‏ ‏إدريس‏ ‏يكرر‏ ‏حلمه‏ ‏علي‏ ‏أفندينا‏ ‏مؤكدا‏ ‏أنه‏ ‏رآه‏ ‏يجلس‏ ‏علي‏ ‏عرش‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏، والجميع‏ ‏ينحني‏ ‏له‏ ‏لكن‏ ‏فؤاد‏ ‏زجره‏ ‏وقال‏ ‏له :‏ ‏اصمت‏ ‏فأنت‏ ‏مجنون‏ ‏وحلمك‏ ‏مثلك‏ ، ‏ولكن‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏في‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏حدث‏ ‏مالم‏ ‏يتوقعه‏ ‏الأمير‏ ‏فقد‏ ‏تنازل‏ ‏الوريث‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏عن‏ ‏عرش‏ ‏أبيه‏ ‏السلطان‏ ‏حسين‏ ‏كامل‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏بعث‏ ‏إليه
‏وثيقة‏ ‏يطلب‏ ‏فيها‏ ‏إعفاءه‏ ‏من‏ ‏حكم‏ ‏مصر‏ ‏لأنه‏ ‏يكره‏ ‏هذا‏ ‏العرش‏ ‏الساذج‏ ‏الوهن‏ ، الذي‏ ‏يسيطر‏ ‏عليه‏ ‏الإنجليز‏ ‏ويحتقره‏ ‏الشعب‏  ، ‏ورجع‏ ‏السلطان‏ ‏إلي‏ ‏رغبة‏ ‏ابنه‏ ‏وتنازل‏ ‏الوريث‏ ‏عن‏ ‏حكم‏ ‏مصر‏ ، ونشرت‏ ‏المقطم‏ ‏ذلك ،  ‏وبعد‏ ‏وقت‏ ‏غير‏ ‏قليل‏  هبطت‏ ‏السفينة‏ ‏الحاملة‏ ‏للأمير‏ ‏فؤاد‏ ‏وخادمه‏ ‏إدريس‏ ‏إلي‏ ‏ميناء‏ ‏الإسكندرية‏ ‏، فجأة‏ سمعا‏ ‏حامل‏ ‏الجرائد‏ ‏وهو‏ ‏يصيح ( إقرأ‏ ‏خبر‏ ‏الأمير‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏يتنازل‏ ‏عن‏ ‏عرش‏ ‏مصر ) هنا‏ ‏اندهش‏ ‏فؤاد‏ ، ‏وقرأ‏ إدريس‏ ‏الخبر‏ ‏ولكن‏ ‏ذلك‏ ‏لم‏ ‏يغير‏ ‏من‏ ‏الأمير‏ ‏شيئا‏ فهناك‏ ‏من‏ ‏يرث‏ ‏العرش‏ ‏كالأمير‏ ‏عبد‏ ‏المنعم‏ ‏بن‏ ‏الخديوي‏ ‏عباس ‏, ونسي‏ ‏فؤاد‏ ‏ذلك‏ الأمر‏ ‏كله‏ ‏فهو‏ ‏أبعد‏ ‏مايكون‏ ‏عنه‏ ‏، ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏الأمير‏ ‏عبد‏ ‏المنعم‏ ‏قد‏ ‏رفضه‏ ‏الإنجليز‏ ‏واعترضوا‏ ‏علي‏ ‏توليته‏ ‏عرش‏ ‏مصر‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏أن‏ ‏الأمير‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏قد‏ ‏هاجر‏ ‏هو‏ ‏وزوجته‏ ‏إلي‏ ‏فرنسا‏ ‏تاركا‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ، ‏وظل‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏الأحداث‏ حتي‏ ‏فوجيء‏ ‏بدعوة‏ ‏لمقابلة‏ ‏المستر‏ ‏وينجت‏ ‏المندوب‏ ‏السامي‏ ‏الحاكم‏ ‏الحقيقي‏ لمصر‏ ، ‏ولبي‏ ‏فؤاد‏ ‏دعوة‏ ‏اللورد‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏ماذا‏ ‏يريد‏ ‏ذلك‏ ‏اللورد‏ ، ‏ولكن‏ ‏فاجأه‏ ‏اللورد‏ ‏بأنه‏ ‏تم‏ ‏اختياره‏ ‏ليكون‏ ‏ملك‏ ‏مصر‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يموت‏ ‏السلطان‏ ‏حسين‏ ‏كامل‏ ‏وأمره‏ ‏، بألا‏ ‏يبلغ‏ ‏أحدا‏ ‏بذلك‏ ‏وأصاب‏ ‏فؤاد‏ ‏ذهولا‏ ‏طويلا‏ ‏حتي‏ ‏رحل‏
‏توا‏ ‏من‏ ‏أمام‏ ‏اللورد‏ ‏متجها‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏ ‏فوجد‏ ‏إدريس‏ ‏جالسا‏ ‏فابتسم‏ ‏إليه‏ ‏وقال‏ ‏له‏ ‏انهض‏ ‏يا‏ ‏إدريس‏ ‏بك‏ ‏واستغرب‏ ‏إدريس‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏فلم‏ ‏يعط‏ ‏الرتب‏ ‏والألقاب‏ ‏غير‏  صاحب‏ ‏الجلالة‏ ‏الملك‏ ‏، فكرر‏ ‏فؤاد‏ ‏عليه‏ ‏وقال‏ ‏له‏ ‏لقد‏ ‏تحقق‏ ‏حلمك‏ ‏وأصبحت‏ ‏ملك‏ مصر‏ ‏وستكون‏ ‏صورتك‏ ‏علي‏ ‏أول‏ ‏جنيه‏ ‏تصدره‏ ‏حكومتي‏ ‏، وظهر‏ يحمل‏ ‏صورة‏ ‏إدريس‏ ‏وسمي‏ ‏بجنيه‏ ‏إدريس‏ ‏في‏ ‏يوم‏ 4 ‏يوليو‏ 1924 .  

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net