هكذا
كان يعلم الملوك ابنائهم
محمد
على باشا
نشرت
جريدة الاهرام بعض
رسائل محمد على باشا
الى ابنائه ، متضمنه
بعض التعليمات
والتوجيهات التى
يوجهها كأب الى ابنائه
، رأيت انه من الجدير
ان نلقى نظره عليها ،
فأنها قد تظهر
بعض الجوانب
الخفية فى شخصية محمد
على باشا
|
بقلم
الدكتور : طه عبد العليم
تاريخ
العدد : 26/10/2010
رغم
رابطة الحب والكره معا في
علاقته
بالعثمانيين
كان محمد علي باشا يتشبث
بهويته العثمانية , علي
عكس فخر إبنه ابراهيم
باشا
بمصريته المكتسبة .
وقد
تعلم ابراهيم اللغة
العربية , وتحدث بها مع
رجاله
, وكان معتدا بأن يصف
نفسه بأنه مصري وليس تركيا
, لكن هذا كان يثير الغم
لدي
أبيه ، هذا وغيره نعرفه
عن سيرة محمد علي باشا ,
كما نتعرف عليها في الكتاب
الفريد
لعفاف لطفي السيد مارسو
( مصر في عهد محمد علي ) ,
حيث تلفت الإنتباه
رسائل
مؤسس مصر الحديثة الي
أبنائه , بما حفلت به من
حب ونصح .
وكان
إسماعيل
كامل
, الابن الثالث لمحمد علي
( 1775 – 1822 ) , في الخامسة
والعشرين حين أرسله والده
علي
رأس الحملة السودانية ،
وفي فورة من الحماس عقب
إحدي المعارك , أرسل
لأبيه
ثلاثمائة
زوج من ( الآذان ) وقد
عنفه والده علي ذلك وكتب له
: ( ألم تسمع عما
يكون
عليه سلوك الناس في أوقات
الحرب ؟ ، ألم تسمع كيف كان
الفرنسيون عادلين في
مصر
؟ ، ألم تعد تذكر العدل
والشفقة التي أبداها
الإنجليز منذ وقت ليس ببعيد
؟ ) ،
وأرسل
له خطابا آخر أبلغه فيه ( أن
مهمة القائد العام هي أن
يمارس الإدارة الجيده
والفطنة والمودة في
علاقاته مع ضباطه ) , وحذره
من عواقب السلطة المطلقة
, وكتب في
سخط
: ( إذا ما اخترت أن تحب
نفسك أكثر من حبك لرجالك
, فإنني لن أحبك ) ، وكان
إهمال
إسماعيل لنصيحة أبيه
بالرحمة والشفقة هو ما جلب
عليه هلاكه ، فقد عامل
السودانيين
بكثير من القسوة , كما
أذل حكامهم , وقد أثارت
إهانات ( إسماعيل )
حفيظة
أحد هؤلاء الحكام إلي حد
جعله يشعل النار في كوخ
إسماعيل ويحرقه حيا ،
وقد
حزن
محمد علي لميتة ابنه
الشنيعة , وأوقع
الانتقام بالسودانيين
بفظائع أكثر شناعة
ارتكبها
ضدهم زوج ابنته (
الدفتردار ) .
وقد
ولد سعيد , الابن الرابع
لمحمد
علي
, في17 مارس 1822 ،
وكان محمد علي , الذي ظل
أميا حتي سن السابعة
والأربعين
, يريد أن يهيئ لأبنائه
أفضل تعليم , وحمل كل
خطاب منه إلي سعيد وسائر
أطفال
الأسرة المالكة نفس
الرسالة , تعلموا !
تعلموا ! ، وعندما بلغ
سعيد الحادية
عشرة
كان قد تعلم التركية
والعربية والفارسية ,
وتعلم سعيد الفرنسية
والإنجليزية
، ولكن نظرا لخجله ,
وربما بسبب بدانته المفرطة
, لم تواته الجرأة
علي
التحدث بهاتين اللغتين ،
وعندما اكتشف محمد علي ذلك
, أمر الصبي أن يقوم
بجولات
يومية علي أهم القناصل
الأوروبيين ويتحدث معهم
بالفرنسية حتي يتخلص من
خجله ويتمكن من استعمال
اللغة بطلاقة ، وكان
لمثل هذه الإجراءات
المتعسفة أثرها الفعال ,
وأدت بسعيد إلي أن يحب
ويصادق القنصل الفرنسي
فردينان دي ليسبس , مع ما
ترتب
علي ذلك من نتائج خطيرة
بالنسبة لمصر.
وقد
وضع محمد علي الأمراء
الصغار
تحت
رقابة مشددة
,
وعكفوا علي دراستهم
الأكاديمية مجدين زمنا
طويلا
,
مثلما كان
الحال
مع سعيد وعباس
،
لكنهم حصلوا علي منحة
إضافية تتمثل في إرسال أحمد
رفعت
وإسماعيل
, ابني إبراهيم , وعبد
الحليم وحسين ابني محمد علي
, للدراسة في
فرنسا
، وكتب الوالي إلي ( حليم )
: ( إعلم أنك تلميذ مثل كل
الآخرين , وأطع كل
من
هم أعلي منك , وعامل كل
فرد معاملة طيبة , وروض
نفسك صبحا ومساء علي أن
تكون متواضعا ومجتهدا ,
وهكذا تكسب السمعة الطيبة
وسعادتي وإحساني , وتصبح
محترما بين
الناس
) .
وكتب
محمد علي إلي ابنه (
إبراهيم ) عندما كان يحارب
في السودان مع
أخيه
( إسماعيل ) , وكان ابنه
( طوسون ) قد
مات : ( ولدي , أنا
أحبك أنت
وأخاك
( إسماعيل ) , الروح
لبدني والنور لعيني ,
ورغم ذلك أرسلتكما إلي هذه
الأراضي
البائسة وحملتكما عبئا
ثقيلا لكي تحقق لأنفسنا
ولعائلتنا الشهرة والمقام
العالي
.
وتحمل
كل خطاباته إلي أبنائه
الآخرين عبارات المحبة مثل
روحي , وفلذة
كبدي
، وقد أظهر محمد علي
لبناته نفس المحبة التي
أغدقها علي أبنائه ، وفي
ذلك العصر , الذي لم تكن
نساء الطبقة الراقية فيه
يتلقين إلا تعليما ضئيلا
, إن تلقين أي تعليم علي
الإطلاق , كان قد خصص
معلمين لبناته , وكن
يتعلمن ،
وبرغم أن
محمد
علي لم يعرف القراءة
والكتابة حتي أواسط عمره
, فقد آمن محمد علي بقيمه
المتخصصين
، وكان يبحث عنهم ويتعلم
منهم ويستخدم ما يتلقاه من
معرفة ، وتجلت هذه
السمة
بكل وضوح في رسائله إلي
أبنائه , خاصة تلك التي
كان يبعث بها لابنه إسماعيل
الذي
كان متهورا سريع الاندفاع
، كتب إليه يقول : ( عليك
إذن أن تسأل وتستفهم حتي
تستطيع
أن تتعلم كل ما يقودك إلي
النصر ) ، وينصحه في رسالة
أخري ( أن يلتمس النصح
من
تابعيه من أعلي إلي أدني
الرتب ) ، ولم يعمل
إسماعيل بنصيحة أبيه ,
ومات نتيجة
لذلك
.
وأما
( إبراهيم ) فقد عمل بها ,
وعاش ليصبح مخططا عسكريا
بارزا وقائدا عظيما .
وقد
حكم عباس(1812-1854) ابن أحمد
طوسون بن محمد علي, مصر
بين
عامي
1848-1854 , لأنه كان أكبر
الذكور في الأسرة بعد وفاة
عمه إبراهيم ، وكان
عباس
متوحشا قاسي القلب ,
قادرا علي الإتيان بأقصي ما
تتضمنه قوائم التلذذ
بقسوة
, كثيرا ما عنفه جده
بسببها ، وكان عباس ,
الذي أصبح يتيما في سن
الرابعة
قد
تربي علي يد جده ، وقد
كان محمد علي طيلة حياته
يشير إلي ( عباس ) بلقب
البليد
، ولم يكن لائقا للحياة
العسكرية بمثل ما كان
بالنسبة للحياة الدراسية
،
وكتب
( إبراهيم ) إلي أبيه لو أنه
كان عباس خاليا من الشجاعة
لكان من الممكن تقبل
نقائصه
, لكنه لا يعمل ولا يسمح
للآخرين بالعمل .
وكان
عباس يمثل خيبة أمل كبيرة
لجده
, الذي خدع نفسه يتصور أن
ابن ( طوسون
) سوف يحمل صفات أبيه ،
وعندما أصبح
هو
الخديوي , تجلت عداوته
لجده في الجنازة الوضيعة
التي رتبها له .
وكان
إبراهيم
الإبن الأكبر لمحمد علي(
1789-1848 ) صورة لأبيه ونقيضا
له
في آن واحد ،
فقد
كان قائدا من الطراز الأول
, ورغم أنه اتسم بالقسوة
, فانه لم يكن أكثر قسوة
من
غيره من قادة ذلك الزمان
, عثمانيين كانوا أو
أوروبيين ، وقد أباد
إبراهيم
مدينة
الدرعية من فوق سطح الأرض
تنفيذا لأمر والده ,
الذي نقض وعده , ولقيت
أول
مملكة
وهابية نهايتها ، وكان
( إبراهيم ) ، علي العكس
من والده , رجلا متعلما
,
ويملك
أكبر مكتبة في البلاد ,
وكان شغوفا بالآلات ,
وكانت مزرعته هي الأولي
التي
تستخدم
طاقة البخار في ري الأرض ،
وأثناء وجوده في أوروبا لم
يكن إبراهيم مهتما
بغير
زيارة المصانع .
وكان
يبدو علي علم بكل شئ عن
الصناعة , كما كان مطلعا
علي
أحدث
وجوه التقدم في كل الميادين
, طبقا لما كتبه نوبار ،
وكان كل من إبراهيم
وأبيه
كان يتم إحاطته بأخر تطورات
السياسات والاقتصاديات
الأوروبية ، وكان
إبراهيم قاسيا , لكنه
كان يؤمن بالعدالة .
ويروي
نوبار في مذكراته أن أثناء
زيارة إبراهيم
للندن
, مخمورا يقتاده الشرطي
إلي السجن , فاستدار إلي
نوبار , وعلق قائلا :
(
هنا عظمة بريطانيا وليس في
مصانعها فقط ) , وهو يقصد
احترام القانون ،
وعندما كان
إبراهيم
في أوروبا بكي عندما رأي
الريف الفرنسي علي قدر كبير
من الجمال والخضرة
بينما
مصر علي قدر كبير من
التعاسة , أخبر نوبار (
سوف أغير كل هذا إن أعطاني
الله العمر ) ، ويبقي أنه
بينما كان محمد علي ينظر
إلي نفسه باعتباره عثمانيا
, وربما رأي أن إنكاره
لهذا يعني إنكاره لجذوره
ووجوده , فان إبراهيم
فلم يكن يعاني
مشاكل
الهوية الشخصية , فقد
أحب المصريين واحتقر
العثمانيين .
بقلم
: رياض توفيق
تاريخ
العدد : 1/10/2010
صدر
من والى مصر ( محمد على باشا
) الى ابنه ( سعيد بك ) انه
صار مسموعى عدم التفاتك
للدروس ، وميلك للراحة وترك
مجالسة من تكتسب منه
الانسانية ، على اننا سبق
التنبيه عليك بدوام
الانتباه للدروس ، والسير
بالمشى والحركه لعدم حصول
السمن ، واللازم عليك
الائتلاف بمن لهم معرفة
بالاصول ، والاهتمام فى
تعليم تلك الاصول منهم حتى
لايقال ان محمد على سىء
الخلق فلا تغير نشأتك
الاصلية كما سبق النصح لك ،
وتعظيم كبريائك والتزام
التواضع مصداقا للحكم
والاحاديث وتسعى فيما يكون
به علو شأنك ويمنه تعالى .
سأحضر
للاسكندرية لأمتحانك امام
احد المدرسين فاذا ظهر عدم
الالتفات للدروس وعدم
ازالة ثقل جسمك ، فرحمة
بحالك اجرى تأديبك ، بناء
عليه يلزم ان تترك تلك
الادوار والسير فى مقتضى
هذا ، مع الدوام على الحركة
واتعاب جسمك ، وعدم
الاجتماع على عادمى الادب
والاقتداء بسير ( فارس
افندى ) المدرس ، او التطبع
بأخلاقه لاتصافه بحسنها ،
وعدم تناول الطعام معه
بالنسبه لأستكنافه بدعة
استعمال الشوكة والسكين
لأنه صوفى فيلزم الاصغاء
لهذه النصائح وترك ما أنت
عليه ، والميل ، والرغبة
الى التواضع لتكون مقبولا
عند والدك وعند الناس فضلا
عن علو شأنك .
....
هكذا كان يعلم الملوك
ابنائهم ....
|