الملك
فاروق ... وكاميليا
بين
الاشاعة والحقيقة
من
كتاب ( الملك وامير البحر )
للاميرالاى جلال بك علوبة قائد
اليخوت الملكية
عمرو ابو
سيف
كثر
الكلام كثيرا عن تصرفات الملك
فاروق الخاصة ، هل كان يشرب
الخمر ؟؟ هل كان زير نساء ؟؟ هل
كان يلعب القمار ؟؟ .
وكنت
قد بحثت فى تلك الموضوعات ضمن
الموضوعات التى كنت ابحث عنها
لأقوم بأدراجها فى موقع فاروق
مصر ، وقد كنت على يقين بأن هناك
الكثيرون من زوار الموقع سيكون
هدفهم الاساسى مثل تلك
الموضوعات ، ولكن لم اكن قد
توصلت الى اى نتائج مؤكده فى تلك
الموضوعات ، ولذلك لم اتحدث
عنها نظرا لحساسية بعض تلك
الموضوعات ، وذلك نظرا لأن
الموقع قد انتهج سياسة الا يذكر
واقعة او حادثة الا ان كان هناك
مايؤكدها ومن مصادر يلتمس فيها
المصداقية .
وقد
اسفر بحثى فى هذا الموضوع عن ان
الملك فاروق لم يكن يشرب الخمر ،
وليس من باب انها حرام ، ولكن
لانه لم يحب طعمها ، وذلك وفقا
لشهادة العديد ممن عاصروا الملك
خلال فترة حكمه او بعد خروجه من
مصر ، بالاضافه الى ماذكره بعض
الكتاب ومن بينهم الكاتب انيس
منصور .
فقد
كتب المفكر الصحفي الكبير أنيس
منصور مقالة بجريدة الشرق
الأوسط بتاريخ 8 فبراير 2005 ، قال
فيها : مصر ظلمت اثنين من حكامها
: آخر ملوكها فاروق ، وأول رئيس
لها : محمد نجيب ،
وكان
الظلم فادحاً ، أما ظلم الملك
فاروق فقد تولته الصحافة بمنتهى
القسوة والشراسة ،
ونسبوا
إليه ما ليس فيه تبريرا للثورة
عليه أو منافقه للثوار ، أما ظلم
الرئيس محمد
نجيب
فقد تولاه وحده وبمنتهى الوحشية
- الرئيس جمال عبد الناصر .
ويضيف
أنيس منصور : " تابعت ما تنشره
الصحف الايطالية عن الملك فاروق
من غراميات
وفضائح
، وأكثرها ليس صحيحا ً، ونشرت
صحف مصر أنه كان لا يفيق من
الخمر ، وعرفت من
زوجته
الملكة فريدة أنه لم يذق الخمر ،
لا ايماناً ، وإنما كراهية
لرائحتها ، وعرفت من
ابنه
الأمير أحمد فؤاد عندما لاحظت
أنه يسرف في التدخين ، فقال : أنا
كوالدي لا أشرب
الخمر
.
وقالوا
إنه مصاب بمرض السرقة ، وإن
الحاشية كانت كذلك تهيئ له
السرقة
بأن
يترك الباشوات ولاعاتهم
الذهبية المرصعة بالماس
ليسرقها ، وليس هذا صحيحاً ،
وقالوا
إن لكل كباريه في مصر بابا سريا
لدخول وخروج الملك فاروق ،
وسألت الراقصة
سامية
جمال فقالت أنه لم يكن لها
بالملك أية علاقة ، وإن كانت
تتمنى ذلك مثل الوف
الفتيات
، وعرفت من قريب لي طبيب أمراض
نساء كان يعالج الفنانة كاميليا
أنه كان
عندها
مرض نسائي يمنعها في الثلاث
سنوات الأخيرة من حياتها أن
تكون لها صلة غرامية
بالملك
أو بغيره" .
وأكدت
هذا الكلام الملكة فريدة الزوجة
الأولي للملك فاروق
حيث
وصفته بأنه كان أبيض القلب ،
حنونا للغاية ، بريئا كطفل ، ولم
يكن زير نساء يحيط
نفسه
بالعشيقات والفنانات كما أفاضت
القصص الصحفية في ذلك ، كذلك قال
شقيقي الملكة
فريده
، سعيد وشريف ذو الفقار إن ذلك
غير صحيح بالمرة ، فلم يرياه
يشرب الخمر اطلاقا ،
لكن
ربما لعب القمار .
وذلك
ايضا يؤكده
الاميرالاى
جلال علوبة فى مذكراته ( الملك
وامير البحر ) فى الصفحة رقم ( 84 ) ،
حيث يقول عن الملك اثناء رحلاته
الى اوروبا وخاصة فى فصل الصيف :
( فى المساء
كان يذهب مع صحبته الى الكازينو
لتناول طعام العشاء ، ثم يتوجه
الى صالة الميسر بالكازينو التى
كانت تعج باللاعبين من اغنياء
العالم ، وللاسف تمكن لعب
الميسر من الملك ، فقد كان
لايدخن ولايقرب الخمر على
الاطلاق ، ولكن شغفه بلعب
القمار ملك عليه نفسه ) .
اما
فيما يتعلق بالنساء فلم اصل حتى
الان الى ايه واقعه من مصدر ثقة
تتحدث عن علاقاته النسائية بشكل
محدد ، الا فيما يتعلق بعلاقته
بالممثله كاميليا ، حيث ورد
فيها قصة على لسان الاميرالاى
جلال علوبه ، قد ذكرها ايضا
فى مذكراته ( الملك وامير
البحر ) ، ونظرا لما يتسم به
الاميرالاى جلال علوبه من صفات
تجعله بالفعل مصدر ثقة لما
يقوله ، فقد رأيت ان انقل لكم
ماذكره الاميرالاى علوبه بالنص
فيما يتعلق بهذا الموضوع ، وهو
منشور فى مذكراته السابق ذكرها
لمن يريد ان يستزيد ، فهو بالفعل
كتاب جيد وبه من المعلومات
الكثير والكثير ، وتأتى قيمتها
فى كونها معلومات مؤكده ،
ولاتقبل الشك نظرا لما يتمتع به
صاحبها من امانه وشرف ، واترككم
مع ماجاء على لسان الاميرالاى
جلال علوبه عن علاقة الملك
فاروق بالممثلة كاميليا بالنص
الحرفى .
بداية
شهادة الاميرالاى جلال علوبة :
يقول
الاميرالاى جلال علوبه فى كتابه
مذكرات امير البحر حضرة صاحب
العزه جلال بك علوبة ( الملك
وامير البحر ) تحت عنوان (
كاميليا ملكة الجمال ... وبوللى
يؤدى العمرة ) بداية من الصفحة
رقم ( 64 الى الصفحة رقم 68 )
مايلى :
(
كنت اقوم بعملى العادى فى اليخت
" فخر البحار" حينما وصلتنى
الساعة الواحدة بعد الظهر اشارة
استدعاء عاجلة للتوجه الى اليخت
" المحروسة " ، ولم تزد
الاشارة عن ذلك .
فأعتقدت
ان امير البحر " سالم البدن
باشا " قائد اليخوت الملكية
يريد ان يتأكد منى شخصيا عن موقف
استعداد اليخت " فخر البحار
" وذلك لقرب موعد ابحاره الى
قبرص ، فأمرت بأعداد زورق
ليقلنى الى اليخت " المحروسة
" حيث وصلت اليه بعد 15 دقيقة
فقط من وصول اشارة الاستدعاء ،
وصعدت الى اليخت والتفت نحو
مؤخرته واديت التحية الى علم
مصر ، ثم التفت الى الضابط
المناوب لأرد له تحيته عند
استقبالى كما تقضى بذلك
التقاليد البحرية ، فبادرنى
بالقول بأن جلالة الملك يريد ان
يلتقى بى على سطح اليخت .
توجهت
الى المكان الذى اعلم انه
المفضل لدى الملك ورأيته مع
حاشيته المقربين اليه مفترشين
ارضية السطح فى شبه دائرة ، وكان
من بينهم انطوان بوللى ، اقتربت
من الملك واديت له التحيه
العسكرية ، فأشار الى بيده
بالجلوس ، فناديت احد السفرجية
الذى كان واقفا بعيدا وامرته
بأحضار كرسى لى للجلوس عليه .
استمر
الملك فى الحديث مع حاشيته
وفهمت من الحديث انه يريد فور
وصوله الى قبرص ان يشترى احدى
الفيلات المناسبة فى قبرص دون
ان يكون تكلفتها كبيره ، وفجأه
قطع الحديث معهم وتوجه به الى
قائلا : " هل سيكون اليخت "
فخر البحار " جاهزا فى الموعد
" ، فقلت له : " تمام يامولاى
سيكون جاهزا تماما للسفر قبل
الموعد بيومين " ، فقال : "
عال " ، ثم وجه حديثه مرة اخرى
الى للحاشية بلغة امرة : " اذا
سيتم كل شىء وفقا للمواعيد
المتفق عليها دون تأخير " ) .
ويستكمل
صاحب المذكرات حديثه .... فيقول :
قام
الملك وكان ذلك ايذانا منه
بأنتهاء الجلسه فهب الجميع
واستأذنوا فى الانصراف ، وكدت
افعل مثلهم لولا ان بادرنى
الملك بقوله انه يريدنى ان
انتظر معه ، توجه الملك الى
الجناح الملكى وتبعته حتى جلس
واذن لى بالجلوس ، ثم سألنى ان
كنت قد تناولت طعام الغذاء ،
فأجبته بالنفى ، فطلب منى
مشاركته فى الطعام .
وجه
لى الملك اثناء الطعام اسئلة
كثيرة عن استعداد اليخت للابحار
والطقس المتوقع اثناء الرحلة
وفى ميناء الوصول ، وركز على
التأكيد فى الاشارات التى ترسل
الى السلطات فى قبرص على ان
الزيارة خاصة ، حيث لم يكن يريد
اى استقبالات رسميه هناك ، كما
اننى استأذنته فى ان اطلب من
الياوران اسماء الحاشيه
المرافقة حتى يتم اعداد القمرات
الخاصه لكل منهم .
ثم
عاد مرة اخرى وركز فى حديثه على
ان الرحلة ترفيهية محضه بعيده
عن كل الرسميات ، ولكن كان من
واجبى ان اصرح له بأن وصول اليخت
الملكى الى الميناء سوف يحتم
على السلطات البحرية والمدنية
هناك ان تقوم ببعض الاجراءات
البروتوكوليه احتراما لوجود
جلالته على ظهر اليخت ، فأمن على
كلامى وقال ( فى هذه الحاله
سأطلب ان تتم تلك الاجراءات
بصفه غير رسمية حتى لاتثير فضول
الصحافة هناك ) ، فأدركت انه كان
حريصا جدا على خصوصية تلك
الرحلة حتى يكون حرا فى تنقلاته
ومتعته فى قبرص .
يكمل
الاميرالاى جلال علوبه حديثه
فيقول :
عدت
الى المنزل متأخرا ووجدت زوجتى
فى انتظارى لتناول الغذاء معا
فأعتذرت لها ن واخبرتها بموعد
السفر المحدد ، فسألتنى عن
نوعية الزى الرسمى الذى ارغب فى
اعداده وهل سيكون من بينه زى
التشريفه ، فقلت لها بأن الرحلة
خاصه ولن يتخللها ايه مناسبات
رسميه ، وفجأه قالت لى " بعد
اذنك سوف ارسل برقية تهنئة الى
الملكة فريدة بأسمك واسمى فى
عيد ميلادها الذى سيوافق 5
سبتمبر " ، فقلت لها بدهشة "
غريبة .. ولماذا يسافر الملك فى
رحلة خاصة لاتتخللها ايه
مناسبات رسمية وهو يعلم ان موعد
عيد ميلاد زوجته قريبا الى هذا
الحد ؟ " فنظرت الى زوجتى وعلى
شفتيها ابتسامه حزينة وقالت "
انت تعلم ان العلاقه بينهما لم
تصبح على مايرام هذه الايام "
ولفنا نحن الاثنين صمت حزين .
غادرنا
ميناء الاسكندرية متوجهين الى
ميناء " فاماجوستا " بقبرص
، وكان البحر هادئا والرحلة
قصيرة فأستبشر الجميع خيرا ،
وكعادتى حينما يكون الملك على
ظهر اليخت فى رحلة ملكية ، كنت
افضل ان امضى اكثر وقت ممكن فى
برج قيادة اليخت " الممشى "
زيادة فى الاطمئنان رغم ثقتى
التامه فى زملائى الضباط الذين
يتولون اعمال النوبه والملاحظه
" النوبتجية " ، وبينما انا
فى برج القيادة واذا بأحد
الزملاء من الضباط – وكانت
تجمعه بالملك صداقة قوية للغاية
، وكان يعتبر من ضمن الحاشية
الملكية – يستأذن فى الدخول الى
الممشى كما تقضى بذلك التقاليد
البحرية ، فرحبت به اذ كانت
تجمعنى به ايضا صداقة حميمه ،
لذا فلنسميه الصديق المشترك ،
وتحدثنا عن الجو الجميل وموعد
الوصول ، ثم نظر الى " الصديق
المشترك " وعلى وجهة ابتسامة
ماكره وقال ( من المستحسن ياجلال
ان يصل اليخت فى الموعد المحدد
بالضبط دون تأخير ولو ثانية
واحدة ) ، فنظرت اليه مستنكرا
وانا اعلم انه يمزح معى ، وقلت
له ( ياسلام ياسيد ... بالضبط دون
تأخير ولو ثانية واحدة ...
ماتتفضل وتتولى القيادة بدلا
منى وانت ضابط " غير تنفيذى
" ، فضحك ضحكة عالية ، وانا
مستمر فى كلامى ( انت تعلم اسلوب
قيادتى وسواء كان الملك على ظهر
اليخت او كانت رحلة للتجربه او
للاصلاح ، فأنا اهتم تماما
بالوصول فى الموعد المحدد لانه
دائما مايكون هناك من ينتظرنا
فى ميناء الوصول وانه من العيب
التأخير ) ، فضحك مرة اخرى وقال (
الله انت اخذتها جد ) ، فقلت له (
طبعا لا والا كنت القيت بك من
البحر .. لكن قل لى .. الا يبدو ان
وراء كلامك شىء خفى له مايبرره ؟
) فضحك مرة ثالثة وقال ( استأذنك
فى النزول الى السطح ياصديقى
العزيز ) ، وهكذا هرب من الاجابه
على سؤالى الذى ظل يلح على ذهنى
طوال الرحلة .
بعد
وصول اليخت الى " فاماجوستا
" حدث ماتوقعته ، فقد حضر الى
اليخت الملكى احد الضباط الذى
كان يعمل ياورا للادميرال
الانجليزى يحمل دعوة للعشاء
للملك ويلتمس تحديد عدد
المرافقين لجلالته ، وبعد قليل
تبعه احد كبار موظفى المراسم فى
قصر الحاكم الانجليزى يلتمس
تحديد موعد مفتوح سواء للغذاء
او العشاء ، فى الوقت الذى يراه
الملك ملائما ، وقد قبل الملك
دعوة الادميرال على العشاء فى
نفس يوم الوصول ، ودعوة الحاكم
على الغذاء فى اليوم التالى ،
كما قام بدعوتهما معا لتناول
الغذاء معه على ظر اليخت فى
اليوم الثالث وقد دعانى الملك
فى معيته لحضور الدعوات الثلاث .
لاحظت
نشاطا ملحوظا للحاشية فور
الوصول الى ميناء " فاماجوستا
" وكان اكثرهم حركة هو "
انطوان بوللى " وذلك للاسراع
فى شراء الفيلا التى كانت محور
الحديث على سطح اليخت ، وقد
ابلغنى " الصديق المشترك "
الذى كان همزة الوصل بينى وبين
مايحدث – ان الفيلا المشتراه هى
للممثله " كاميليا " ،
ودعانى بأسم الملك لحضور حفل
اختيار ملكة الجمال فى احد
النوادى الليلية وان ارتدى
الملابس المدنية .
دهشت
لما سمعت وسألته " وما دخل
الملك بهذه الممثلة الناشئة
التى ارتبط اسمها بأسم زئر نساء
يعمل فى الحقل السينمائى ، كما
اقترن اسمه بأسم كل من احدى
الراقصات المشهورات ومطربة
كانت تعد الثانية بعد ام كلثوم
فى ذلك الحين ... كما يشاع ان
كاميليا هذه يهودية الاصل وان
اسمها هو ليليان كوهين ؟ " ،
فأبتسم ابتسامة عريضة وقال "
نوع من الوفاء يااخى ، الا تعلم
ان جدتها كانت متزوجة من الفريق
كبير ياوران الخديوى السابق ؟ ...
ثم انها كاثوليكية وليست يهودية
، ولاداعى لتكرار التشنيع الذى
تكتبه الصحافه ضدها ، انها بنت
غلبانه جدا " .
توجهنا
بصحبة الملك مساء يوم الوصول
الى النادى الليلى الذى سيقام
به حفل اختيار ملكة الجمال ،
وفوجئت بأن جلالته على رأس لجنة
التحكيم ، وقامت الفتيات
المتنافسات بأستعراض انفسهن
واحدة اثر الاخرى امام اللجنة
وهن بزى البحر ، ثم وقفن فى
طابور ، حيث اعلنت النتيجة ،
وكانت الفائزه بلقب ملكة الجمال
هى " كاميليا " فحصلت بذلك
على جائزة مالية ضخمة ، علاوة
على دعاية كبيرة لها ، لابد
وانها ستساعدها فى اقتحام سريع
لمجال الفن .
لاشك
ان الصحافة الاجنبية فى الجزيرة
قد شعرت بما يحدث ، ونشر الكثير
عن العلاقه بين الملك فاروق
والممثله الناشئة ، فى نفس
الوقت الذى اشتدت فيه الازمه
السياسية فى مصر .
وكان
يرأس الوزراء حينئذ اسماعيل
صدقى الذى الف وزارته من اشخاص
ليست لهم مكانة سياسية ، فقد
امتنع عن الاشتراك بها جميع
الاحزاب ، عدا حزب الاحرار
الدستوريين وبعض المستقلين ، ثم
واجهت الوزارة بعد فترة بعض
القلاقل السياسية التى اضطرت
اسماعيل صدقى باشا فى التفكير
فى اجراء تعديلات فى وزارته ،
خاصة وانه كان قد دخل فى مفاوضات
مع حكومة العمال التى تولت
الحكم فى بريطانيا بعد الحرب –
للتوصل الى جلاء الانجليز عن
مصر ، وكانت مفاوضات صعبة انتهت
بالفشل .
وفى
خضم تلك الاحداث تسربت الى مصر
انباء العلاقة بين الملك فاروق
والممثلة كاميليا ، واثارت سخطا
عاما لدى الشعب ، واثارت غيظا
شديدا لرئيس الوزراء ، الذى
ارسل عدة رسائل الى الملك يرجوه
فيها العودة الى مصر حفاظا على
سمعته ، وليكون قريبا من
الاحداث السياسية فى بلاده خاصة
وان علاقته السيئة بالملكة
فريدة قد اصبحت على كل لسان .
صدرت
الاوامر فجأة لأعداد اليخت
لمغادة ميناء " فاماجوستا "
فأعتقدت جازما ان الاسكندرية هى
ميناء الوصول ، ولكن ما ان تم
مغادرة اليخت للميناء حتى صدرت
الاوامر للتوجه الى ميناء "
مرسين " بتركيا دون ابلاغ
سابق لى قبل المغادرة ، ويبدو ان
هذا التوجه من الملك كان ذرا
للرماد عن علاقته بكاميليا
وتهدئة رئيس وزرائه .
ثم
يستكمل الاميرالاى جلال علوبه
كلامه قائلا : ( استاذن احد
الياوران للدخول الى مكتبى
وسلمنى ورقه بها تعليمات
بالتحرك العاجل من ميناء "
مرسين " فلم يستطع كلانا –
ضابط اول اليخت وانا – من ان
نخفى علامات الدهشة التى بدت
على وجهينا .
غادر
اليخت " فخر البحار " ميناء
" ميرسن " وصدرت الاوامر
بالعودة مرة اخرى الى ميناء "
فاماجوستا " بجزيرة قبرص ،
ويبدو ان هذه الرحلة كانت
بالنسبة لى ولطاقم اليخت رحلة
المفاجئات ، فبينما كنت فى برج
القيادة واذا " بالصديق
المشترك " يستأذن فى الدخول
وعلى وجهه نفس الابتسامه
الماكرة ، فأدركت فورا انه يحمل
لى معه من الاخبار مااجهله ،
وتحمل فى طياتها ايضا تفسيرا
لتلك الالغاز التى تكتنف
تحركاتنا ، طلب منى " الصديق
المشترك " ان نتوجه الى جناح
برج القيادة " WING
"
، وهناك اسر لى بقوله ( تصور
ياجلال ان المجنونة قد ابرقت
الى الملك تهدد بالانتحار ان لم
يعد اليها فورا ) ، نزل على الخبر
كالصاعقة ، وللحظات خاطفة تذكرت
ماقالته لى زوجتى عن عيد ميلاد
الملكة فريدة وما وصلت اليه
علاقتها مع الملك ، ولكنى طرحت
جانبا فكرة ان تكون الملكة هى
التى هددت بالانتحار لعلمى بمدى
كبرياء الملكة ومحافظتها على
كرامتها ، فسألته بأستنكار واضح
( ومن هى هذه المجنونة ؟ ) ،
فأجابنى بسخرية ( ملكة الجمال
يااخى ... كاميليا ياسيدى ) ، ورغم
ماشعرت به من صدمة الا اننى لزمت
الصمت التزاما بالحدود المرعية
التى وضعتها لنفسى ، فلا اتحدث
مع الاخرين فيما يتعلق بعلاقات
الملك الخاصة .
الى
هنا وانتهى كلام الاميرالاى
جلال علوبه فيما يتعلق بقصة
الملك فاروق وكاميليا .
اما
فيما يتعلق برغبة الملك فى
اقتناء مالدى الغير من تحف
ثمينة فقد قيل عنها كلام كثير ،
وهنا اسرد واقعتين ورد ذكرهما
ايضا فى مذكرات الاميرالاى جلال
علوبة فى الصفحات 86 – 87 وقد
جاء فيهما مايلى نصه :
بداية
شهادة الاميرالاى جلال علوبة :
فى
صيف 1951 ابحر الملك مرة اخرى على
اليخت " فخر البحار "
لزيارة فرنسا وايطاليا ومونت
كارلو ، وقد طالت مدة اقامتنا
بالخارج مرة اخرى ، واذكر انه فى
احدى
الامسيات كنت بصحبة الملك
نتناول العشاء فى احد المطاعم
الفاخره بمدينة " كان "
بفرنسا ، وكان على المائده بعض
طفايات السجائر الكريستال ،
اعجب بها الملك اعجابا كبيرا ،
فقال لمن حوله من رجال الحاشية (
اريدكم عند الانصراف ان يضع كل
منكم احدى تلك الطفايات فى جيبه
لانها تحفه ) ، وللاسف ابدى
الجميع بسعاده استعدادهم
لتلبية تلك الرغبة الملكية
لانهم كانوا يعلمون حبه لأقتناء
مايملكه الغير من تحف وعاديات
ثمينة ، ولكنى ذهلت لطلب الملك ،
وذهلت اكثر لما ابداه رجال
الحاشية من استعداد لتلبية طلبه
، فتدخلت بلباقة وسألته ( هل
تعجبتك تلك الطفايات يامولاى ؟ )
، فرد بأبتسامة عريضة ( نعم ،
واريد الاستيلاء عليها ) ، فقلت
له ( سوف البى طلبك يامولاى
بطريقتى ) ، واشرت الى رئيس
الخدم وقلت له ( يامسيو اننى
معجب جدا بتلك الطفايات ، واريد
ان احتفظ بمثلها على سبيل
التذكار لهذا العشاء الفاخر
الذى قدمتموه لمولاى ، فأرجو
ابلاغ مدير المطعم بأن يرسل
دسته منهم الى غرفتى بالفندق ،
ثم ادليت له بأسم الفندق ورقم
الغرفه ، فرد على رئيس الخدم دون
تردد ، ودون ان يرجع بالامر الى
مدير الفندق ( هذا شرف عظيم
للفندق ياسيدى ، وسوف نلبى طلب
سيادتكم فورا ) ، فنظرت الى
الملك وقلت له ( اليس ذلك افضل
يامولاى ؟ ) ، وبدلا من ان يشكرنى
على تصرفى وانقاذ سمعته ماكان
منه الا ان غضب غضبا شديدا وهب
واقفا ولم يكن قد اكمل عشائه بعد
وانصرف ، فهرول من خلفه ضيوفه
وحاشيته ، وظل لعدة ايام
لايدعونى لمصاحبته ولم يوجه الى
اى حديث ، ولما حاول احد رجال
الحاشية معاتبتى ، قلت له محتدا
( لقد قصدتكم انتم بهذا الدرس ،
فليس كل مايطلبه الملك تنفذونه
دون مراعاة لما يمس سمعته
وكرامته كملك ) .
ويستكمل
صاحب المذكرات حديثه فيقول :
موقف
اخر اتذكره هنا ، فقد كان معنا
فى تلك الرحلة السيد اكرام سيف
النصر ، التشريفاتى بالقصر ،
وسهر فى احد الليالى فى كازينو
راقى مع بعض رجال السراى ،
واثناء السهره قامت بعض الفتيات
الجميلات العاملات بالكازينو
ببيع تذاكر طومبولا يتم السحب
عليها فى نهاية السهرة ، فأشترى
اكرام تذكرة لنفسه تفاديا
للاحراج ، وعند السحب فؤجىء
بأنه قد كسب الجائزه الاولى
التى كانت عبارة عن بروش ثمين
جدا .
ومن
فرط سعادته كان يريد ان يعلن على
الملأ بما فيهم الملك فاروق انه
رجل محظوظ ، فأخذ يعرض البروش
على الجميع ، وعندما جاء دورى
قال لى انه سوف يرسله الى الملك
ليراه ويأذن له بأقتنائه وليعلم
انه من المحظوظين ، فنظرت اليه
بدهشة واستغراب ، وقلت له ( وما
دخل الملك بذلك ، هل حصلت عليه
نيشانا من دولة اجنبية ؟ ، انصحك
الا تفعل ذلك ) ، ولكنه صمم على
رأيه وبعت بالبروش مع
احد الشماشرجية الى الملك ،
وانتظر المسكين ان يعود اليه
البروش مع تهنئة من الملك دون
جدوى .
بعد
ذلك فى احدى السهرات شاهد اكرام
البروش على صدر احدى صديقات
الملك ، فألتفت اليه قائلا (
لماذا لم تأخذ بنصيحتى ؟ ) ، الم
تكن زوجتك اولى
بهذا البروش ؟ ، فنظر مرة اخرى
الى البروش بحسرة مودعا اياه
الى الابد ، ونسى تماما انه من
المحظوظين .
الى
هنا وانتهى كلام الاميرالاى
جلال علوبه فيما يتعلق بقصة
الملك فاروق وحبه ورغبته فى
اقتناء الاشياء الثمينة التى
لدى الغير .
|