احمد المسلمانى

 

عودة الملكية .... احمد فؤاد الثانى رئيسا

 

سألت الأميرة الراحلة فريال فاروق : هل كان والدك الملك فاروق يفكر فى احتمالات عودة الملكية فى مصر ؟ هل كان يضع فى حساباته أثناء المنفى أن ثمة احتمالاً ولو ضئيلاً بفشل الثورة ورحيل عبدالناصر وعودة الملكية ؟ أجابتنى الأميرة:  لا أعتقد أبدا أن والدى فكر فى هذا الاحتمال وان والدى يرى أن الملكية انتهت بلا عودة ، لكنه كان يتمنى أن يعود إلى مصر مواطناً وزائراً  

قلت للأميرة فريال :  وهل يرى أخوك الملك أحمد فؤاد الثانى ما كان يراه الملك الأب ، أم أن أحمد فؤاد قد يغامر بطرح نفسه سياسياً فى أى تحولات مقبلة فى مصر ؟

تراجعت الأميرة فريال فى مقعدها وقالت فى حزن وانكسار:  للأسف فإن  زواج أخى فؤاد من  ( دومينيك فرانس ) الملكة فضيلة  قد أنهى كل الاحتمالات ، ليس فقط احتمالات السلطة ، بل حتى احتمالات المكانة الرفيعة فى مصر ، واستطردت الأميرة فريال : إن زوجة فؤاد يهودية وقد تم وضعها فى طريق أخى ليتزوجها ، لقد حاولت منع ذلك ولكن ( المخطط كان أكبر منا..) ، وتزوج أخى منها ، وأنت تعرف أن اليهودى ينتسب للأم اليهودية ، وهكذا نجح المخططون فى أن تصل وراثة العرش إلى أبناء نصف يهود .

قلت للأميرة فريال ، وكنا جلوساً فى فندق البرنس دوجال فى باريس إن ( فضيلة ) أسلمت ، وذهبت مع زوجها أحمد فؤاد إلى مكة المكرمة وأديا مناسك العمرة معاً ، وهى إذن مسلمة وزوجها مسلم وأبناؤها الثلاثة محمد على وفوزية لطيفة وفخر الدين من المسلمين .

لم تقتنع الأميرة فريال بما قلت ، وشرحت لى قصة مثيرة بشأن زواج أخيها واحتمالات المؤامرة ، وقالت لى:  لا تذكر شيئاً من ذلك وأنا على قيد الحياة ، لكن يمكنك أن تقول كل ما أقوله لك ، بعد وفاتى .

سألت ( الملكة فضيلة ) ، الزوجة السابقة لأحمد فؤاد ، أم أبنائه الثلاثة ، وكانت وقتها لاتزال زوجة للملك السابق:  هل تظنين أن أحمد فؤاد أو أحد أبنائك يفكر فى دور سياسى فى مصر إذا ما تغير نظام مبارك ؟ ، كنت لاأزال موضع ثقة لدى ( فضيلة ) قبل أن أفقدها لاحقاً إثر توطد علاقتى مع الأميرة فريال ، قالت لى فضيلة:  نحن نحترم نظام الرئيس مبارك ، ونحن نؤيده ، كما أننا لا نريد إثارة حفيظة زوجته السيدة سوزان مبارك ، إنها قوية جداً ويمكن أن تسبب لنا متاعب ، ونحن نريد أن نعود تدريجياً إلى مصر ، ولكن دون أن يقلق منا أحد ،  وواصلت فضيلة:  إننى أفكر فى التجهيز لكتاب يحمل أوراق وأسرار الملك فاروق ، كما أننى أنوى كتابة قصة حياتى ( ملكة خارج المملكة ) ، وقد تحدثت مع ( فريدريك ميتران ) ابن أخ الرئيس فرانسوا ميتران ووزير  الثقافة الفرنسى لاحقاً ، بشأن كتاب  ( أوراق الملك فاروق ) ، وبشأن كتابى ، ولى صديق حائز على الأوسكار ،  وأعرفه عن طريق عائلتى فى استراسبورج ، وسوف أناقش معه عمل فيلم سينمائى عالمى عن حياتى  ( قصة حياة الملكة فضيلة ) ، ثم انتهت فضيلة بالقول:  إن ذلك كله بمثابة تمهيد الأرض لعودتنا ( أحمد فؤاد وأنا والأولاد ) إلى مصر والقيام بدور .

رحلت الأميرة الرائعة فريال فاروق ، واكتمل طلاق فؤاد وفضيلة بعد عشر سنوات من الصراع فى محاكم سويسرا وفرنسا ،  وجاءت فوزية إلى القاهرة فى ضيافة عائلة الوزير السابق أحمد المغربى ،  ثم غادرت .

والآن يعود أحمد فؤاد إلى مصر بعد ثورة أسقطت الرئيس الرابع فى نظام الثورة التى أسقطت عائلته ووالده .

عرفت من بعض الأصدقاء أن هناك من يدفع  ( أحمد فؤاد ) للعب دور فى السياسة المصرية ، وقد بدأ هؤلاء حسب معلومات وصلتنى مؤخراً ، قد تكون صحيحة ، فى دفع أحمد فؤاد للزواج من مصرية وإعادة تقديمه كوريث للعرش ، وجمع شتات العائلات الأرستقراطية وبعض قطاعات الليبراليين ، من أجل مشروع سياسى سوف يأخذ شعار ( الملكية الدستورية فى مصر ) ، ويتمنى هؤلاء أن يسود النظام البرلمانى فى مصر من أجل تسهيل مهامهم فى طرح  ( الملكية الدستورية ) .

وقد انتشرت على  ( فيس بوك ) صفحات عديدة تدعو لهذا الطرح وعلى الرغم من أنها لا تضم أعداداً مؤثرة ، ولا حتى لافتة للانتباه غير أن تعددها واستمرارها يؤكدان أن ثمة مئات أو آلافاً يفكرون فى ذلك أو يخططون له . 

 

إن عناوين بعض الصفحات كالتالى:

  • نطالب بعودة الملك أحمد فؤاد لعرش مصر .

  • عودة الملكية وجلالة الملك المعظم أحمد فؤاد الثانى .

  • عودة الملكية الدستورية إلى مصر.

  • حملة لدعم الملك أحمد فؤاد رئيساً لمصر.

  • معاً لترشيح أحمد فؤاد رئيساً للجمهورية .

  • الدعوة إلى عودة الملك أحمد فؤاد إلى مصر المحروسة .

  • عودة الملك أحمد فؤاد ملك مصر الشرعى .

  • نريد عودة الملك أحمد فؤاد .

  • معاً لعودة الملك .

  • معاً لاختيار أحمد فؤاد رئيساً .

ثمة صفحات أخرى على الطريقة نفسها ، وباللغة الإنجليزية توجد صفحة تحمل فكرة مثيرة ( أحمد فؤاد ملكاً وعمرو موسى رئيساً للحكومة ) .

وقد بدأت الهمهمات تزيد بشأن الدور السياسى لأحمد فؤاد ، وقد نشرت صحيفة ( الأخبار المصرية ) تحقيقاً بعنوان ( هل يترشح أحمد فؤاد رئيساً للجمهورية ؟ ) .

سوف يجد الكثيرون فى ذلك أمراً بعيداً للغاية ، وربما يجدون فيه شططاً يفوق الخيال ويبتعد كثيراً عن السياسة والتاريخ ، وتقديرى أن ذلك من حيث بعده وقربه ، فهو بعيدٌ تماماً ومستحيل تماماً ، ولكنه من حيث التاريخ والسياسة يمثل امتداداً لمحاولات عديدة فى دول متعددة .

حين سقط حكم الديكتاتور شاوشيسكو فى رومانيا عام 1989 بدأ البعض يطرح اسم الملك الرومانى  ( ميشيل ) الذى أطيح به عام 1945 .

وحين عاد ملك بلغاريا السابق (سيميون ) إلى بلاده بعد سقوط الشيوعية لقى محاولات لدفعه للحياة العامة رغم فقدان العرش عام 1945 .

ولما سقط الديكتاتور اليوغوسلافى سلوبودان ميلوسيفيتش جرى الاحتفاء بولى عهد يوغوسلافيا السابق ألكسندر ديفيتش .

وفى أفغانستان بعد سقوط طالبان جرى التفكير فى عودة الملك ظافرشاه إلى السلطة ، وفى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين كانت بريطانيا تدفع لعودة الملكية إلى العراق ، وقد التقيتُ فى أبوظبى  ( الشريف على بن حسين ) فى تلك الأثناء ، وقال لى إنه قادم ملكاً على العراق .

ويتحدث البعض فى ليبيا الآن عن عودة الأسرة المالكة السنوسية ، كما أن خصوم النظام الإيرانى يناورون دوماً باحتمالات دور لابن الشاه رضا بهلوى .

لا يمكن إذن أن نتجاهل النماذج السابقة ، لكن المؤكد تماماً أن هذه النماذج جميعها قد فشلت ، ولم يحدث على الإطلاق أن عاد ملك إلى ملكه أو قَبِلَ الشعبُ عودته إلى مكان بارز .

إن التاريخ أصبح عدواً للنظم الملكية ، وإن النظم الجمهورية لا تقبل شعوبها أبداً بالعودة إلى الوراء ، وفى مصر لا أظن أحداً من العقلاء يمكنه أن يكون جاداً فى دعم الملك أحمد فؤاد ، وريثاً أو رئيساً ، ليس فقط لما قالته لى الأميرة فريال بشأن الزوجة والأبناء ، ولكن أيضاً لأن فؤاد فى حد ذاته ، لا يملك المؤهلات للقيام بأى دور فى الحياة السياسية .

 قد خرجت أسرة محمد على باشا من السياسة ولن تعود ،  ولا ينبغى أن  تعود ، وسوف تبقى مكانتها فى التاريخ بقدر ما قدم ملوكها من قادة عظام مثل محمد على وإبراهيم باشا والخديو إسماعيل ، إلى قادة أقل ، الى مليك خائن وعميل كالخديو توفيق .

إننى أدعو ملك مصر السابق أحمد فؤاد الثانى ، وهو يحمل من الخصال الطيبة والسمات الرقيقة الكثير والكثير ، ثم إنه يحمل لوطنه الحب والتقدير ، ولا يحمل حقداً على ما واجهته العائلة فى مصر أو فى المنفى إننى أدعوه للعودة مواطناً صالحاً له كل الاعتبار والتقدير ، أما أن يكون أداة فى أيدى منتفعين وباحثى شهرة ودور ،  فسوف يطيح ذلك بصورة أحمد فؤاد كما نعرفها ، ثم إنه لن يصل إلى شىء كما يتوهم المنتفعون .

إن مصر وهى تمضى من الثورة إلى الدولة ، لا تحتمل عواصف غبار تعوق البصر عن معالم الطريق .

 

 

تاريخ العدد : الاثنين 2/5/2011

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net