|
|
وزارة
على ماهر باشا ( الرابعة )
24
يوليو – 7 سبتمبر 1952
-
اخر
مرسوم ملكى بتشكيل وزارة .
-
مجلس
الوزراء يباشر سلطات الملك
الدستورية .
-
الملك
يتنازل عن العرش للامير احمد
فؤاد .
-
المحروسة
تقل الملك الى نابولى .
|
بدأت
الاحداث تتصاعد ، غير ان المسألة
هذه المرة كانت اكبر من مجرد صراعات
بين اجنحة القصر ، واكبر من تنازع
الاحزاب التقليدية وغير التقليدية
على الحكم ، واكبر من ان تتدخل فيها
سلطات الاحتلال ، وكانت هذه
الجبهات تمثل القوى الثلاث التى
كان لها تأثير مباشر فى اختيار
الوزارات المصرية على مدى ثلاثة
ارباع القرن من هذا الزمان ، فلم
تكد تمضى 18 ساعة على تشكيل وزارة
الهلالى باشا حتى كانت الثورة قد
قامت بالفعل فى القاهرة ، واستولت
على محطة الاذاعة ، وبدأت فى الساعة
السابعة من صباح يوم الاربعاء 23
يوليو 1952 تذيع بيانها الاول .
لقد
استيقظت مصر كلها صباح ذلك اليوم
على صوت ينطلق من اذاعة القاهرة
بعبارات وكلمات لم يتعود سماعها من
قبل ، مما جعل ملايين المواطنيين
غير مصدقين ان لحظة الخلاص قد بدأت
، ومازالت اصداء كلمات البيان
الاول للثورة لها وقع مؤثر على كل
من قدر له ان يسمعها وقتها ، يقول
البيان ، والذى اذيع وقتها بلسان
اللواء محمد نجيب الى الشعب المصرى
:
(
اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها
الاخير من الرشوة والفساد وعدم
استقرار الحكم ، وقد كان لكل هذه
العوامل تأثير كبير على الجيش ، وقد
تسبب المرتشون والمغرضون فى
هزيمتنا فى حرب فلسطين ، واما فترة
مابعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها
عوامل الفساد ، وتأمر الخونه على
الجيش ، وتولى امره اما جاهل او
فاسد ، حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها
، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير انفسنا
، وتولى امرنا فى داخل الجيش رجال
نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى
وطنيتهم ، ولابد ان مصر كلها ستتلقى
هذا الخبر بالابتهاج والترحيب ،
اما من رأينا اعتقالهم من رجال
الجيش السابقين ، فهؤلاء لن ينالهم
ضرر ، وسيطلق سراحهم فى الوقت
المناسب ، وانى اؤكد للشعب المصرى
ان الجيش اليوم كله اصبح يعمل لصالح
الوطن فى ظل الدستور ، مجردا من اى
غاية ، وانتهز هذه الفرصة فأطلب من
الشعب الا يسمح لأحد من الخونة بأن
يلجأ الى اعمال التخريب او العنف ،
لأن هذا ليس فى صالح مصر ، وان اى
عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم
يسبق لها مثيل ، وسيلقى فاعله جزاء
الخائن فى الحال ، وسيقوم الجيش
بواجبه هذا متعاونا مع البوليس .
وانى
اطمئن اخواننا الاجانب على مصالحهم
وارواحهم واموالهم ، ويعتبر الجيش
نفسه مسئولا عنهم ، والله ولى
التوفيق . )
وتطورت
الاحداث بعد ذلك بسرعة تفوق تلاحق
الانفاس ، وكان الملك وقتها كعادته
فى اشهر الصيف يقضى وقته بقصر
المنتزه بالاسكندرية ، وحوالى
الظهر توجه الهلالى باشا الى الملك
حيث شرح له ماحدث منذ الساعة
العاشرة والنصف من مساء اليوم
السابق 23 يوليو ، وانه اتصل باللواء
محمد نجيب فى مركز القيادة العامة
للقوات المسلحة وفهم منه ان الثورة
تفضل وزارة يرضى عنها الجميع ، وان
الاختيار متجه الى على ماهر باشا
ليشكل الوزارة الجديدة .
وفى
نفس اليوم اصدر فاروق مرسوما
بتشكيل وزارة جديدة برئاسة على
ماهر باشا ، وكانت اخر وزارة صدر
مرسوم بتشكيلها فى عهد الملك فاروق
، وتعتبر وزارة على ماهر الوزارة
رقم 70 منذ تم انشاء اول مجلس للنظار
برئاسة نوبار باشا فى عهد الخديوى
اسماعيل ، وقد شهدت الساعات الاولى
لتشكيل هذه الوزارة مولد ثورة 23
يوليو ، وباشر مجلس الوزراء خلال
حكم على ماهر باشا سلطات الملك
الدستورية بعد ان نادى بالامير
احمد فؤاد ملكا على مصر بعد تنازل
الملك فاروق عن العرش ، ولم يقدر
لأحمد فؤاد ان يحكم مصر يوما واحدا .
لقد
بادر فاروق بتكليف على ماهر بتشكيل
الوزارة تلبية لرغبة مجلس قيادة
الثورة ، ظنا منه فى بادىء الامر ان
الثورة ماقامت الا لتغيير وزارة
بأخرى وترشيح رئيس لمجلس الوزراء
ليحل محل اخر ، ولم يكن يدرى وقتها
ان الشعب ممثلا فى رجال الثورة
ومتلاحما مع الجيش قد عقد العزم على
تحرير نفسه من اغلال الطغيان و
الاستبداد ، وهو ماستؤكده الاحداث
التى تلاحقت بعد ذلك لتعلن نهاية
عهد وبداية عهد جديد .....

|